للعدل وجه واحد

كثيرون صفقوا لقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاص بالصواريخ بعيدة المدى، وكثيرون صفقوا لأوكرانيا عندما استخدمت أول صاروخ ضد روسيا، وأشادوا بشجاعة زيلينسكي.

إنهم قادة أوروبا المندفعون خلف الحلف المتشدد والراغب في استمرار الحرب على الجبهة الروسية لاستنزاف بوتين وتدهور اقتصاده، فيهم الرئيس، وفيهم المستشار، وفيهم رئيس الوزراء، ولم يخف بعضهم فرحته بذلك القرار، وعندما قيل لهم إن الرد قد يكون قاسياً استهانوا بخصمهم، وقللوا من شأنه.

وعندما أطلق الصاروخ الروسي الجديد، والذي استخدم لأول مرة من باب التجربة، انقلب الموقف رأساً على عقب، فمن كان فرحاً قطب حاجبيه، واستنكر ما أسماه بالتصعيد الروسي، ومن كان يصفق أصبح «يلطم» ويتهم الروس بعدم التحلي بالأخلاق.

أهل السياسة أصبحوا مثل العملة بوجهين، ويقيسون كل شيء بمكيالين، وأقصد هنا أهل السياسة الغربية بشكل عام، فهم لا يحكمون تلك القوانين التي فرضوها على دول العالم، لا مساواة، ولا نزاهة، ولا حرية رأي، ولا حتى إنصاف للمظلوم، إذا كانوا محبين للظالم!

مع الأخذ في الاعتبار أن البعض بدأ يتخلص من مساوئ تغيير الوجوه واستبدالها حسب رغبات الموجه الجالس في واشنطن، وقد شاهدنا ردات الفعل حول قرار المحكمة الجنائية الدولية، فقد خرج كثيرون عن الخط المرسوم، فوقفوا مع الإنسانية في مواجهة التحالفات العدوانية، ولم يتباكوا على نتانياهو وغالانت المطلوبين للمحكمة الدولية لأنهم يرون مشاهد الضحايا في غزة، ويراجعون قوائم الأطفال الذين قتلوا أو حرموا من الأكل والمأوى والعلاج، ولكن في مقابل هؤلاء كان الفريق الآخر يرفض مساءلة من ارتكبوا جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وعلى رأس ذلك الفريق، الولايات المتحدة التي صفقت من قبل لقرار المحكمة نفسها بالقبض على عمر البشير رئيس السودان وقتها، وأيضاً صفقت و«صفرت» للقرار المتعلق بالرئيس الروسي بوتين، وقالت إنها العدالة والإنصاف، وعندما وصلت المحكمة إلى نتانياهو أصبحت مستهترة ومنحازة ويجب أن تعاقب!