تعاطف العالم مع غزة، وفتح مناقشات تمويل عملية إعادة إعمار ما دمر خلال المواجهات الأخيرة مع الإسرائيليين، وأعلنت العديد من الدول عن استعدادها للمساهمة في هذه العملية الإنسانية، ومعها منظمات عالمية، فالكل يرى نتائج ما حصل، والضرر الذي لحق بالسكان، ولكن هذا الكل توقف عند نقطة فرضتها التجارب السابقة، فهذه ليست المرة الأولى التي تدمر فيها الأحياء والبنية التحتية، وليست المرة الأولى التي يتحرك فيها العالم من أجل التبرع للإعمار، وفي كل مرة تتبخر التبرعات ولا يصل أهل غزة إلا النَّزر اليسير الذي يتركه «النهابون» لذرّ الرماد في العيون.

المتعاطفون الجاهزون للتبرع يسألون عن الجهة التي ستستلم أموال إعادة التعمير، ويضعون علامة تعجب واستفهام عند «حماس»، فهم جميعاً لا يثقون في هذه الحركة المنغمسة في الفساد والتمييز بين سكان غزة حسب الانتماء الحزبي والعقائدي، ويعلمون أن أغلب الأموال الموجهة للإعمار سينتهي بها المطاف في الحسابات السرية لقادة الحركة ومن معها من تنظيمات، وسيوجه جزء منها إلى أنشطة التهريب.

وبرزت السلطة الفلسطينية في خضم ذلك النقاش، داعية الداعمين إلى توجيه الأموال إليها، وهي السلطة المصنفة على رأس قوائم الفساد في العالم، ولكنها تدعي الشرعية القانونية، وأبناء الأخ «أبو مازن» وبطانته متحفزون لتسلم المشاريع ومخصصاتها، وأصبح العالم في حيرة من أمره، وبدأت حرب إعادة الإعمار تظهر إلى العلن، فالسلطة تضع «فيتو» على حماس، وحماس ترفض تدخل السلطة في إعادة الإعمار، وكان خالد مشعل الذي يدير الحركة من المنتجعات واضحاً عندما قال: «نريد توجيه مساعدات إعادة إعمار غزة عبر قنوات حماس مباشرة»، ومثل هذا الكلام نتمنى أن يوقظ من لا زالوا يعتقدون بأن حماس تتحرك من أجل القدس وتحرير فلسطين، فهؤلاء يثبتون كل يوم أنهم يعملون من أجل معتقداتهم الحزبية وتحالفاتهم المشبوهة، وفي كل خطوة يكشفون أنفسهم.