حمداً لله

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت الغمّة تنزاح، وقريباً ستكون «كورونا» ذكرى يتداولها الناس، ويتذكّرون الأحداث التي صاحبتها طوال عامين كاملين، وسيضحك من مرّ بمواقف طريفة خلال الحجر القسري أو الحجر الاختياري، وعند نقاط الدخول في المراكز التجارية والمطارات ومنافذ حدود المدن والبلدان، وسيحزن كل من فقد عزيزاً خلال الجائحة، سيتذكّر أباً وأماً وأخاً وأبناء وصديقاً وجاراً، أولئك الذين انتصرت عليهم الفيروسات، وسيسمع الجيل القادم روايات الكبار، ويستغرب تماماً كما استغربنا ذات يوم عندما سمعنا ونحن صغار عن معاناة أهلنا مع الجدري أو الكوليرا وشلل الأطفال وغيرها من الأوبئة.

فُكّت القيود، وخُفّفت الإجراءات، وما كان إجبارياً من قبل أصبح ضمن حرية الفرد الشخصية، هو يتعامل مع الظرف ويضع الكمام في الأماكن التي يزورها أو يستغني عنه، وهو الذي يرسم خط تباعد بينه وبين الآخرين، سواء في البيت أو العمل أو السوق أو أثناء صلاة الجماعة في المساجد أو يتخالط كما يحلو له، فالدولة لم تقصّر عندما اشتدّ الخطر، هي التي أخذت المبادرة، وهي التي وجّهت ونبّهت ووضعت «البروتوكولات» المناسبة لكل مرحلة من مراحل هذا الوباء، وكانت صارمة، ولولا هذه الصرامة ما حققنا النتائج التي نراها، هي - أي الدولة – التي قادت المواجهة العلنية، وتحصّنت بكل الوسائل التي يمكن أن توفر بيئة مناسبة لمحاصرة الأذى الذي يمكن أن يلحق بالبلاد والعباد، ولم تَشْكُ في يوم من الأيام من نقص، كانت سبّاقة في كل خطواتها، لهذا تقدّمت على «كورونا» خطوات، ولم تنتظر، وما كان تحرّكها على مدار العامين ردّة فعل لما يحدث، بل تجنب ما قد يحدث، وهذا ما جعلنا الأكثر سرعة في العودة إلى الحياة الطبيعية، والأقلّ توتراً وخوفاً، ولم يحدث أن فقدنا السيطرة لساعة واحدة، ولا أقول ليوم واحد، فالكل كان متأهباً ومتعاوناً ومتقدماً للصفوف.

نحمد الله حمداً كثيراً على لطفه، ونترحّم على من رحلوا عنّا خلال كورونا وبسببها، ونشكره سبحانه على ما وهبنا من نعمة القيادة الحكيمة التي أخرجتنا من مرحلة الخطر بأقل الأضرار، وهو مسبِّب الأسباب، الحافظ والميسِّر، والقادر على كل شيء.

Email