دكة الاحتياط وحرق المواهب

لم نسمع أحداً يتحدّث عن رواتب اللاعبين الأجانب، ولا عن المقدّم الذي استلموه عندما وقّعوا عقودهم، فقط يتحدّثون عن اللاعب المواطن، رغم أن هذا اللاعب أجبر على توقيع عقد منذ صغره، وأصبح مع بطاقته رهينة بيد النادي، ومرّ عليه وقت ربما لا يستلم إلا بضعة آلاف لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وعندما يجهز ويكبر ويبدع تحتكره عقود طويلة الأجل، ويحدّد له راتب شهري لا يوازي ما يستلمه من كان في سِنِّه وعمل في وظيفة حكومية، وينتظر أن ينتهي عقد الاحتكار، ويساوم باسم الانتماء والوطنية والولاء لفريقه، فإذا جُدِّد له كان راتبه بالإضافة إلى رواتب خمسة لاعبين مواطنين لا تساوي راتب لاعب أجنبي واحد، والمصيبة أن اللاعب الأجنبي ليس أفضل منه داخل الملعب، ولكنه أجنبي، يلعب أساسياً، والمواطن يجلس على دكة الاحتياط، حتى لو كان فائزاً بلقب أحسن لاعب في آسيا، أو هدّاف الدوري ودورة الخليج!

ذلك أول أسباب تراجع مستوى منتخبنا، نقولها ونحن لسنا خبراء، بل محبون للكرة، ولدينا عيون نرى بها، ومشاعر نحسّ بها، الأجانب أصبحوا الهدّافين بعد أن «تكدّسوا» في هجوم كل فرقنا المشاركة بالدوري، والمواطن احترق في قائمة الاحتياط، وظُلم في إشراكه آخر عشر دقائق، حتى اختفى!

وزدنا الطين بلّة بزيادة عدد الأجانب، خاصة بعد استحداث ما يسمّى باللاعب المقيم، وتركنا حرية التسجيل بيد الأندية، ودخل اللاعب القادم من الخارج في خانة المقيم، وأصبحت المعادلة مع الأجانب، لنكتشف عندما نريد أن نشكّل منتخباً، أننا لا نملك غير «علي مبخوت» الذي فرض نفسه بإمكاناته فأزاح الأجنبي عن طريقه، وعندما غاب «مبخوت» عن المنتخب في دورة الخليج، لم نجد من يسدّ مكانه!

مشكلتنا واضحة، لا تحتاج إلى فلاسفة، ومجلس إدارة اتحاد الكرة لا يتحمّل مسؤولية الخلل متفرداً، فالمنظومة كلها خرجت عن المسار قبل هذا الاتحاد بسنوات، ولكن ذلك لا يعفيه ولا يبرّر تردّده في اتخاذ قرارات حاسمة.