وماذا بعد ليلة الرابع عشر من مايو؟
تلك «الليلة الليلاء» التي شبكت نهارين معها، نهار التصويت يوم الأحد ونهار النتيجة النهائية إلى ما بعد ضحى الاثنين، وفي النهاية، بعد كل تلك المتابعات لانتخابات الرئاسة التركية، وبعد إقحام الإعلام في «الدراما» التي نشهدها، وبعد صعود وهبوط، وأرقام حقيقية تقابلها أرقام مزيفة، وبعد شحن متبادل للأتباع والمؤيدين، واحتشاد الآلاف حول مقرات المتنافسين، وغياب الحياد الانتخابي، بعد كل ذلك ذهب الجميع إلى ليلة أخرى.
لم يفز أحد، وبمفهومنا الذي حفظناه أيام إعلان نتائج الثانوية عبر الراديو «لم ينجح أحد»، فالمرشحان اللذان كان العالم ينتظر أحدهما لفترة الرئاسة القادمة لم يبلغا المستوى المطلوب للنجاح، فأصبح لزاماً عليهما أن يخوضا الدور الثاني، وهناك، في الثامن والعشرين من هذا الشهر، هناك سيكون ميدان الحسم، وكما قلت لكم يوم الجمعة الفائت، لم تحسم انتخابات الأحد بنسب كبيرة وفارقة، وهكذا سيكون حال الإعادة، فالأتراك انقسموا إلى نصفين تقريباً، أردوغان الذي يراهن على تاريخه لم يبلغ خمسين في المئة رغم اقترابه منها، وكلتشدار وصل إلى 45 في المئة، وهو رقم مرتفع جداً بالنسبة لشخص يراهن على الوعود، والمرشح الثالث، وهو معارض أيضاً لاتجاهات الرئيس الحالي أردوغان، حصل على خمسة في المئة وبعض الكسور، وهذه نسبة لو أضيفت إلى كلتشدار سيفوز، ولكن، إننا نتحدث عن السياسة، وعملية انتخابية، فيها زعامات وأحزاب وتحالفات، فالمتحزبون أكثر البشر تلوناً، يغيرون مواقفهم في لحظة، و«يبلعون» وعودهم وكأنها لم تكن، ويمزقون تعهداتهم دون أسف، وفي الفترة الفاصلة ستتغير وجوه، وتتبدل كلمات، وتبنى تحالفات، وتقدم «إتاوات»، فالمساومات بكل تأكيد بدأت منذ يوم الاثنين، وذلك الحزب «الساقط»، والذي لا يحق له الدخول إلى الدور الثاني، قد يكون ورقة الفوز لأحدهما، أي المرشحين المتنافسين، يمكنه أن يسلمها لمن سيقدم منافع أكبر له ولحزبه، فهذه هي الديمقراطية!