فرحة المزوّرين

من الواضح أن الذكاء الاصطناعي أدخل السرور إلى قلوب المزورين، فقد فتح لهم «مغارة علي بابا»، وبدأت ملامح الكنز الذي تحتويه هذه التكنولوجيا الحديثة تظهر، فهم حتى الآن الأكثر تطلعاً إلى مستقبل منتعش.

لا يلامون، فهم يشكلون مجموعات سرية تزور وتحتال وتزيف وتنصب وتسرق منذ الأزل، ولكنهم كانوا يكشفون من خلال أجهزة البحث والتقصي والتدقيق، وقد توفرت لهم الفرصة السانحة لأن يفعلوا كل ذلك ويفلتوا من العقاب، وفي نفس الوقت تتضاعف مداخيلهم وتصبح سوقهم رائجة.

لا يلامون لأن الذين أطلقوا برامج الذكاء الاصطناعي لم يستمعوا إلى تحذيرات من جربوا قدرات تلك البرامج، ولم يتوقفوا للحظة واحدة عند نصائح من اخترعوا تلك البرامج، فالمسألة في الأول والأخير تصب في خانة الأرباح، الشركات العملاقة و«النصابون» يقفون عند هذه النقطة، ولا يهمهم إلى أين سيذهب العالم مع ذكائهم هذا!

لا يلام أولئك الذين سيستخدمون برامج الذكاء الاصطناعي في أعمال الشر، والسبب بسيط، وهو أن جهات محترمة وموثوقة اندفعت بكل ثقلها خلفها، وخاصة الجهات الإعلامية التي تعتقد أن التزوير لعبة يلعبها الجميع، فإذا بهم يقدمون نشرات أخبار زوّر الذكاء الاصطناعي صورة المذيعة المشهورة وصوتها، أو يكتبون مقالات عبر التطبيقات المتطورة لذلك الذكاء، ويوقعونها بأسماء مزيفة، وينشرونها في وسائلهم، ويضحكون على أصحاب الردود عندما يناقشون الكاتب الوهمي في طرحه أو تحليلاته!

المزورون لا يلامون، ما دامت البرامج والتطبيقات التي تتيح التزوير والتزييف تباع بشكل رسمي، وهم مرخصون أيضاً بشكل رسمي، ولن يضيع إلا من سيستعين بهم إذا اكتشف أمره، ونشك في ذلك، فالذكاء الاصطناعي يطور من نفسه، ويقدم أعمالاً تفوق الأصل الذي سرق منه، أو هكذا كما يقول إعلان بين يدي موجه للباحثين بالماجستير والدكتوراه.

وسنتحدث عن ذلك لاحقاً.