انقلبت الصورة

تلاشى زخم التعاطف مع حكومة نتنياهو داخلياً وخارجياً، هي أيام قليلة تحركت خلالها حاملات الطائرات، ومدت الجسور الجوية لنقل الذخائر وأحدث الأسلحة، وانتهت زيارات المساندة، وتوقفت المظاهرات الرافضة لعملية 7 أكتوبر، وانقلبت الصورة، مع أول طائرة حربية هدمت الأبراج والبيوت حتى وصلت إلى المستشفيات.

كل الذين أصيبوا بالصدمة وتعاطفوا ليسوا من الحلفاء، ولا يؤيدون الاحتلال والقصف واستمرار المأساة الفلسطينية التي تقترب من دخول القرن الثاني، هم رفضوا قتل الأبرياء أو اختطافهم، وبعد أن شاهدوا ما يحدث في الأرض الصغيرة المكتظة بأكثر من مليوني إنسان لا علاقة لهم بالهجوم ومن قام به، كانت صدمتهم أكبر، ولم يستطيعوا أن يبرروا لأنفسهم ردة الفعل التي لا تراعي العهود والمواثيق الربانية والإنسانية.

في الداخل الإسرائيلي، أكثر الناس حنقاً على اندفاع اليمين هم أهالي المختطفين، فقد كانوا يعتقدون أن أبناءهم أولوية، فإذا بهم يكونون آخر همّ قادتهم، وتعددت أصوات المحتجين على تصرفاتهم، ولم يبق مع نتنياهو غير المتطرفين المتطلعين إلى السلطة وتنفيذ الأجندة الخاصة بهم، فهذه فرصة يحاولون استغلالها وسط «الفورة» العاطفية التي ظنوا أنها ستدوم!

وفي الخارج، كان التأييد الدولي لمشروع القرار العربي مؤشراً على الموقف الإنساني لما يحدث لغزة، ولم تجد إسرائيل والولايات المتحدة سوى 12 صوتاً تساندهما، مقابل 120 صوتاً، أما الممتنعون فأغلبهم كانوا يتبعون أمريكا وإسرائيل، ولم يستطيعوا أن يتجاوزوا في هذه المرة إنسانيتهم، فاختاروا «النأي بالنفس» منعاً للإحراج ورفضاً للعقاب الجماعي، وفي الخارج أيضاً خرجت المسيرات الحاشدة في عواصم «دول الفيتو» وكبريات مدنها، من لندن إلى باريس ونيويورك، الكل يطالب بوقف ذلك الهجوم المنفلت والمخالف لمواثيق الأمم المتحدة، المنظمة التي لم يسلم أمينها العام من الشتم والتحقير من الدبلوماسية الإسرائيلية، فقط لأنه قال كلمة حق.

الأكثر مشاركة