السلام لا يتحقق ببناء مزيد من الملاجئ داخل المدن والقرى والمستوطنات الإسرائيلية، فالملاجئ تثير الرعب والخوف، وتنشر عدم الاطمئنان بين السكان.
والسلام لن يأتي عبر ذلك الرجل المتأنق ببدلته وربطة عنقه وحقيبة «اللاب توب» في يده، والرشاش معلق بكتفه، ولن تحصل عليه المرأة التي تتسوق في محل التجميل بالمركز التجاري الفاخر وفوهة الرشاش تطل من خلف رأسها.
والسلام لا تصنعه «القبة الحديدية» ولا صفارات الإنذار، ولا الطائرات الحربية والمروحيات الحاملة للصواريخ، فهذه مشاهد تؤكد أن الموت يحوم حول المكان.
والسلام لم ينتج في يوم من الأيام من تحت راية الانتقام الوحشي، ورفض كل نداءات الشرفاء في العالم، فذلك يجعل الفجوة أكثر اتساعاً، ويؤجج الكراهية.
والسلام لا تفرضه «جنازير» الدبابات والجرافات، فهي تدوس جثث الأطفال والعجزة المستضعفين، من لا يحملون سلاحاً، ولا ينتمون إلى الذين استدرجوا العدوان إلى بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم.
السلام كان بين يدي «نتنياهو»، سلام شجعان، وكان عليه أن يكون مثلهم، شجاعاً، لا يختبئ خلف الآلة العسكرية التي يتحكم بها، سلام كان يمكن أن يفرد له صفحة ناصعة في التاريخ، فلم يفعل، سار على طريق آخر غير الطريق الذي اختاره لفترة وجيزة، ثم خالفه، وكرر أدوار الذين سبقوه، من شامير إلى باراك وأولمرت وشارون وبيريز، وردد ما قالوه من قبل: «ما يمكن إعطاؤه للفلسطينيين في عشرة أيام سيأخذونه في عشر سنوات»، وفي «سريرتهم» كانوا يزيدون جملة تقول: «وقد لا يحصلون عليه أبداً»!
السلام القائم على العدل، والمؤيد من الداعمين والوسطاء وأصحاب النوايا الحسنة ضاع، وأعاد الأزمة إلى المربع الأول، بل إلى ما قبل ذلك المربع، أي إلى نقطة الصفر، وقد يصل إلى ما قبل تلك النقطة، فالخائفون والمرتجفون لا يصنعون سلاماً.
وسلام على السلام.