اللغة العربية إحدى اللغات الخمس المعتمدة في الأمم المتحدة، وهذا الاعتماد يمنح الحق لكل من يتحدث بلسان عربي أن يقف في منصات هذه المنظمة وفروعها أو توابعها ملقياً كلمته بلغته وليس لغة غيره!
والمنظمة الدولية ملزمة بتوفير الترجمة الفورية للحاضرين، وهذا شيء ليس بجديد، فهذا الاعتماد للغتنا تم منذ السبعينيات، يعني قبل نصف قرن تقريباً، ورأينا عبر هذا الزمن غير القصير رؤساء وملوك وأمراء ورؤساء وزارات ووزراء خارجية عرب وهم يلقون كلماتهم بكل ثقة مرددين على الأسماع حرف الضاد، ولكن، الأحوال تبدلت، ليس من الآخرين، بل منا نحن، وأصبح العربي يقف في القاعة الشهيرة للأمم المتحدة، أو يجلس حول طاولة مجلس الأمن الأكثر شهرة، أو في محكمة الجنايات الدولية، وهو يصدح بلغة لا تمت لنا بصلة، وعندما نسأل لماذا؟ يقال لنا «إن ثقافة ذلك الشخص أجنبية»، إنجليزية كانت أو فرنسية، ونتذكر الأجيال السابقة، والتي كان من بينها قامات كبيرة في الثقافة والسياسة، درست في الخارج، وحصلت على أعلى الدرجات العلمية من الجامعات الأجنبية، ومع ذلك «لم تلوِ لسانها»، ولم تتنكر لثقافتها، وتذكر العالم كله بهذه اللغة التي كانوا يسعون لتعلمها، حتى ينهلوا من كتبها وعلومها.
والغريب في الأمر أن أغلب البلاد العربية تتحدث عن تمكين لغتها الأم، وتنص دساتيرها على أن اللغة العربية هي لغة البلاد الرسمية، ومن خشوا على لغتنا بعد الانفتاح الثقافي والسياحي، والاختلاط مع الآخرين الذين يتحدثون بلغات مناطقهم، هؤلاء حصنوا مجتمعاتهم بالقوانين التي تمنع تهميش العربية، وتشكلت جمعيات ومراكز لحمايتها من التعدي، واتضح بأن كل ذلك يتم مخالفته من جهات رسمية قبل أن يخالف من الناس العاديين.
اللغة مصدر فخر، وعندما تكون هذه اللغة هي العربية تكون سمة مضافة إلى من يعرفها ويتحدث بها، يعتز بها، ولا يقبل بأي لغة أخرى أن تحل مكانها وتكون بديلاً لها!