عندما يكون جيش الاحتلال حكماً تموت الحقيقة مع العدالة.
قالوا: «إن الجيش المذكور، وهو لا يحتاج إلى تعريف، شكل لجنة للنظر في تصرفات جنوده، بعد أن نشرت لقطات مصورة لأسرى عراة يذلون في الشوارع المليئة بأنقاض المباني المهدمة في غزة، وذكر أن صوراً أخرى نشرت لنساء يتعرضن للمعاملة اللاإنسانية، وأن هناك حالات اعتداء جسدي وجنسي عليهن»، ويقال: إن ضجة عالمية شعبية تردد صداها على مواقع التواصل، وفي المقابل بلعت الدول المتحضرة، التي تعلمنا منذ عقود مبادئ الحريات وحقوق الإنسان ألسنتها، وفعلت كما يفعل أولئك الثلاثة بتكميم حلوقهم أو تغطية أعينهم أو سد آذانهم، واختصرت أفعالهم بمقولة «لا أرى، لا أتكلم، لا أسمع»!
وخلص الجيش الذي يقتل قبل أن يسأل، ويدمر دون أن يعرف من يسكن بالمبنى، ويطلق النار على الشباب ثم يسألهم إن كانوا مسلحين أو مخربين، وعندما لا يسمع منهم إجابة يتهمهم بالامتناع عن التعاون مع المحققين، فالموتى لا يتكلمون إلا بمنطق جيش غرته دروعه ورصاصاته، أقول لكم، خلص ذلك الجيش من تقريره حول التصرفات، التي أثارت الضجة حتى في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقال إن تصرفات الجنود الذين عروا أسراهم لم تخالف القواعد الأخلاقية!
ربما كان بيننا من ينتظر إدانة أو توبيخاً من تلك اللجنة لمرتكبي الأفعال المخالفة للقوانين الإنسانية والدولية، وربما صدقت أوروبا وإدارة بايدن بأن «واحة الديمقراطية» دولة متحضرة، وقد خاب ظن الجميع، والسبب معروف لديهم وهو أن دولة قامت على القتل لا يمكن أن تكون عادلة، وأن جيشاً غاصباً ومحتلاً لا يعترف بالحقيقة، فهؤلاء اعتادوا على ارتكاب أبشع الجرائم، ويصمتون حتى لا تزل ألسنتهم، وقد اعتادوا بفضل المساندة غير المحدودة من الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى أن تطمس جرائمهم.
الحقيقة واضحة للعيان، والعدالة لها ميزان، فإن مالت موازين عدالتهم، وانحازت إلى حقد لا يبرأ، وغطرسة لا تتوقف، كانت موازين من لا يغفل وينام حاضرة.