فقاعة «تكوين»

دخلوا علينا من باب «التنوير»، رغم أننا متنورون منذ زمن بعيد، مشاعلنا تضيء من بين دفتي محكم التنزيل، وسيرة سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، نستدل بما جاء فيها على طريق الحق، ونهتدي به، ونتجنب دروب الشياطين، ولا نتبع الخارجين المارقين المنسلخين.

تركنا تنويرهم ليطفئ نور قلوبهم، ونحن مطمئنون، نعرف أي مصير ينتظر الباطل، وأي مكان يليق بالدسائس، أمامنا قلاع محصنة، والأزهر أكبرها وأهمها مكانة، والتاريخ له مكان بين جنباته، منه كان الثبات، وما زال كذلك في الحاضر، تحرسه المحروسة، القاهرة لكل المتلاعبين، مقبرة كل فكر منحرف، وكل تنظيم شاذ، وكل فئة، صغرت أو كبرت، تريد أن تشق الصف.

ليس كل من قرأ سطرين أصبح داعية، وليس كل من كتب سطرين أصبح موجهاً لأمة، وليس كل من قدم كلمتين في برنامج تلفزيوني أصبح عالماً، وليس كل من جادل جاهلين أصبح مستنيراً، هذا ملخص ما أريد قوله لمن أطلقوا تلك الفكرة المثيرة للغط في «أم الدنيا»، فالفرق شاسع بين المكان والزمان والأشخاص، لا مقارنة بينهما، فلا الأشخاص في مستوى أهل العلم ليؤثروا عليهم، ولا القاهرة ومصر تلتفت إلى شذوذهم، ولن تنظر إليهم إلا من منظور واحد، وهو أنهم ليسوا أكثر من «فقاعة» تذروها الرياح وتندثر، كما حدث لمن سبقوهم.

ومن وقفوا لالتقاط صورة جماعية، وأعلنوا في بيانهم بأنهم يهدفون إلى «تكوين فكر عربي جديد»، أقولها لكم، وبكل تجرد وحيادية، لأنني أعرف بعضهم معرفة شخصية، والبعض الآخر سمعت ما في جعبته وهو يتحدث إلى البرامج الحوارية، كلهم، ودون استثناء، بحاجة إلى «تكوين»، لهذا ننصحهم أن يدخلوا دورات مسبقة، قد تنفعهم، وتعيدهم إلى مرحلة هم بأمس الحاجة إليها، وهي مرحلة تصحيح فكرهم المزيف الذي يريدون أن يعمموه علينا، فكر يكون بمستوى فهمهم، ويتركوا فكر الأمة لمن هم قادرون على استيعابه والحديث عنه.

 

الأكثر مشاركة