أكذوبة قوات حفظ السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا أرادت الولايات المتحدة أن تقوم بدور «السوبر مان»، وتتولى مسؤولية القوة الدولية في قطاع غزة، فهذا شأنها، إدارتها هي صاحبة القرار، وهي المعنية بما يجوز ولا يجوز حسب منظورها للأمور.

وإذا كانت هناك دول أوروبية مستعدة للمشاركة ضمن تلك القوات، التي يقال إنها تجهز، فهذا أيضاً شأنها، سواء شاركوا لقناعة أو لإرضاء الأخ الأكبر في البيت الأبيض.

أما إقحام دول عربية في عملية تثبيت وتمكين الاحتلال الإسرائيلي لغزة فهذا قرار أصحاب الشأن، بعيداً عن ضغوطهم، وأقصد الغرب كله، وعن أهدافهم غير المعلنة، فالدول العربية رافضة رفضاً قاطعاً لمشروع نتانياهو الجديد باحتلال غزة، ولن تقبل بأن تكون شريكاً في حماية ذلك الاحتلال، ولن يقبل أي جندي عربي بأن يكون حارساً لمن يقتلون أشقاءه، وقد علم بايدن بذلك!

مثل هذه القوة الدولية التي يتحدثون عنها ليست لحفظ السلام، بل لتكريس المخطط الذي رسمه متطرفو إسرائيل بعلم ورعاية من يمنحونهم حق القتل والتهجير القسري، وتدمير المدن وضم الأراضي بعد إعادة تقسيمها.

ليس في غزة اليوم جيشان متقاتلان حتى ترسل قوات فض اشتباك ورعاية وقف إطلاق النار، ولكن هناك جيش غاشم، وحكام متغطرسون مدججون بالسلاح، يقابلهم شعب أعزل، بينهم قلة قليلة من المتحزبين المدفوعين من الخارج، وبينهما أرض غير قابلة للمساومة من شعبها الذي يدفع الثمن غالياً، ومن يرد السلام وحفظه ونصرة الضعفاء وحمايتهم، فعليه أن يكون واضحاً، وقبلها «أن يكون محايداً»، يتدخل لوقف حالة التوحش الإسرائيلي على غزة، وأن يكون قوة دولية لإنهاء حرب إبادة جماعية، سجلها التاريخ، ونفاها بايدن رئيس أمريكا، ومستشار ألمانيا، ورئيس وزراء بريطانيا، وسجلها العالم بغربه النزيه وشرقه وشماله وجنوبه، قوات حفظ سلام حقيقية، تقف في وجه المعتدي، ولا تكون عوناً له، فالسلام لا يبنى على أكذوبة.

السياسة تحتاج إلى نزاهة في بعض الأحيان، ولنقل تحتاج إلى بعض الصدق، حتى لا تخلف نتائج مدمرة، كما يحدث في غزة الآن، وما سيحدث لاحقاً في غيرها!

 

Email