«اعتقد ولم يعتقد»

من اليوم وحتى يخرج من البيت الأبيض سأعد إلى العشرة قبل أن أقول كلمة في حق الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا مدحاً ولا ذماً، لا تأييداً ولا معارضة، لا قبولاً ولا رفضاً، سأتجاهل كل ما يقوله حتى لا أكون مثله، وأفعل ما يفعله!.

يأخذنا شرقاً في الصباح، فإذا تبعناه تركنا متجهاً نحو الغرب في المساء، رأيه يتجزأ ويتناثر، فلا تعرف ماذا قال، ولم قال، وأسباب تراجعه عما قال!.

كلمته تصطدم بكلمته، وهذه حقيقة، فلا يعرف هو نفسه معنى كلامه، فكيف بنا نحن؟، ونحن نعتبره رئيس الدولة العظمى كلامه «مسمار في لوح»، ثابت وموثوق به، ومن كان في مكانته لا يقبل منه التراجع أو التصحيح أو تغيير المعاني خلال ساعات قليلة، مثل ما حدث يوم الثلاثاء، عندما نشرت مجلة «تايم» مقابلة معه، وكانت حول محاولاته لإنهاء أزمة غزة، وقال فيه «إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتانياهو، ربما يماطل في إنهاء الحرب في غزة لأسباب سياسية»، وهو يقصد هنا تهديدات الجناح الأكثر تطرفاً بإسقاط الحكومة.

وبعد نشر المقابلة بساعات قال بايدن رداً على سؤال صحفي في البيت الأبيض إنه لا يعتقد أن نتانياهو يريد أن يستغل الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، فأي بايدن نصدق؟، هل هو الأول الذي يعتقد أم الثاني الذي لا يعتقد؟!.

وهذه معضلة بالنسبة لنا، نتوه وتتضارب آراؤنا دون ذنب ارتكبناه، فقط لأننا نصدق الرجل الذي يمثل الحكومة الأقوى في العالم، والذي يصر حزبه على تمثيله في سباق الرئاسة القادم، وإدارة بلاده أربع سنوات أخرى إذا فاز، فالمعضلة عندها ستتحول إلى كارثة، والحروب قد تزيد وتتسع، وها نحن نرى قادة إسرائيل يقفون على حدود لبنان ملوحين بالاجتياح، وفي الحرب الثانية على حدود روسيا يتحدث رئيس أوكرانيا عن موافقة بايدن على ضرب الأراضي الروسية بالسلاح الذي أرسله!.

الأفضل أن نتفرج ولا نسمع ما يقوله بايدن حتى لا يختل توازننا ونعتقد بما لا نعتقد!.