العبث مع روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

روسيا ليست حماس، ليست ميليشيا حزبية تتبع أسلوب حرب العصابات بقاعدتها المشهورة «اضرب واهرب»، وليست مزدوجة القيادة والرأي، لها رأس واحد، وجيش واحد، وهدف واحد، تديرها إرادة محددة نابعة من نظرتها الاستراتيجية لأمنها وسلامة أراضيها.

وروسيا هي القوة الثانية في العالم، من حيث الحجم والسلاح والردع النووي، ومن يعود إلى الوراء 70 سنة قد تنشط ذاكرته، ويسترجع مشاهد أوروبا المحتلة من المحيط غرباً إلى البحر جنوباً، وحتى القطب شمالاً، لندن تقصف وتدمر، وباريس تدار من الرايخ الثالث، وأسطول الولايات المتحدة البحري يدمر في «بيرل هاربر» ولم تنكسر شوكة هتلر إلا على أبواب روسيا، ومن هناك كانت الهزيمة، وكانت نهاية الحرب العالمية الثانية.

روسيا لا يعبث معها، سواء أيدنا عدوانها على أوكرانيا أو رفضناه، وسياسة «صنع الأعداء» والهيمنة المتفردة للعالم كله انتهى زمانها مع نهاية الحرب الباردة في التسعينيات، والاتحاد السوفييتي لم يعد موجوداً، روسيا هي الموجودة اليوم، تحكمها وطنيتها وليس فكر «ماركس» ونظريات الشيوعية الملحدة، أو ما كان يسمى بسيادة «عمال العالم»، والوطنية شيء والنظريات شيء آخر!.

هناك من مازال يقسم العالم على هواه، ينزع الحقوق من أصحابها، ويدعي بأنه يملكها، ولم يتعلم، لم يستفد من دروس التاريخ الحديث الذي يثبت بأن الأرض غير ثابتة، وأن القوة غير دائمة أو مستقرة، وأن المواجهات لها ضحايا من أطراف النزاع، فالكل خاسر في النهاية، وفي الحروب ليس هناك غير الموت.

وبعد قرار الإدارة الأمريكية يوم أمس بالسماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الجديدة التي أرسلها بايدن ضد الأراضي الروسية، مع رسم توضيحي ومقاسات «المسطرة» للمناطق التي تضرب ولا تضرب، تكون حرب أوكرانيا قد دخلت مرحلة جديدة حذر منها الرئيس الروسي ملوحاً بالتدخل النووي، ومثل هذا السلاح يمتد مداه وتأثيره، وسيتجاوز الأراضي الروسية والأوكرانية!.

Email