ضروريات السنوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

قتل الفرحة في قلوبهم، ومسح البسمة من فوق وجوههم، السنوار، القائد الذي يصر على أن يقدم أهل غزة، كل أهل غزة، ثمناً رخيصاً لغايات في نفسه.

لأول مرة أسمع قائداً يقول ما قاله، ليس اليوم، بل عبر التاريخ، في المدن التي كانت زاخرة، وفي الإمبراطوريات الممتدة، وفي حروب القراصنة والأمم المتخلفة التي غزت العالم، لم يقل ما قاله السنوار من حصنوا أنفسهم في الخطوط الأولى ليحموا أهلهم، الناس الذين هم سبب وجودهم، كل قادة العالم الشرفاء، من انتصروا ومن انهزموا، وقفوا وقفة رجال، بخلاف قلة منهم، وقد منحوا الأسماء التي تليق بكل المتخاذلين المدمرين لقيم القيادة والشهامة.

لا والله ما هكذا تكون المقاومة، وما هكذا تدار المعارك، فالناس، الأبرياء، الضعفاء، الذين لم يحملوا سلاحاً، ولم ينادوا للحرب، من لا حول لهم ولا قوة وسط جور العدو الذي لا يرحم، من نزعت من قلبه وعقله صفات الإنسانية، هؤلاء الناس لا يستخدمون حطباً لنار أشعلها قائد عصابات، وليس قائد وطن، قائد لا يملك من صفات القيادة غير الزعامة الحزبية التي تمنح لمن يتبع المرشد ومن وراء المرشد، والحزب منحرف، والمرشد شاذ عن الطريق القويم، وكل «الإخوانية» ما كانوا يوماً، ولن يكونوا، مؤتمنين على الناس.

لا والله يا سنوار، وأنت يا هنية، ولكل من يتبعكما، نقولها، بقسم، وبصدق، وبحرقة تمزق القلوب، ما أنتما بقادة، قلناها منذ اليوم الأول لمغامرة «مشعل» الصبيانية، وسنقولها ما حيينا، فأهل غزة هم من يعنونا، وهم من يبكونا، وهم من أحزنوا العالم كله، العالم بكل ملله وأجناسه وناسه، فالدم المسال فوق تراب غزة يبكي ولا يفرح، فقط أنتم فرحون، ومعكم أولئك المجرمين من شتات العنصرية الدينية، فقط أنتم تعتقدون بأنكم فائزون مع كل طفل يموت وكل امرأة تدفن تحت أنقاض بيتها، وفي النهاية أيها السنوار تقول «إن ارتفاع عدد الخسائر بين المدنيين تضحيات ضرورية».

ألا لعنة الله على زمن أصبحت فيه جثامين القتلى من الأبرياء ضرورة.

Email