ترامب بين خيارين

لأنه متمسك بالترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، ولأنه مقتنع بأنه الأفضل والأنسب، ولأنه واثق بالفوز على منافسه، تراجع كل الذين طالبوا بانسحابه من سباق الرئاسة بعد أدائه الضعيف في المناظرة، قيادات الحزب الديمقراطي وأفراد العائلة تجنبوا الواقع المرير، وجبروا خاطر الرئيس جو بايدن، إكراماً لماضيه السياسي، ولمكانته الحالية واكتفوا بالدعاء له، تاركين القرار النهائي للقاعدة الانتخابية في مؤتمرها العام شهر أغسطس المقبل، فهي وحدها من لديها سلطة تثبيت الترشح أو تغييره!

وحتى ذلك الحين دعونا نعود إلى دونالد ترامب، المنافس الشرس، والخصم العنيد، القادر على خوض عدة معارك في نفس الوقت، دون أن يكل أو يمل، ولا يعرف معنى اليأس والإحباط، ويرفض رفضاً قاطعاً الالتفات إلى الوراء أو حتى التخفيف من سرعة انطلاقته، فهو مشتاق إلى العودة، ومستعد لأن يبذل حياته ثمناً للدخول مرة أخرى إلى البيت الأبيض، حيث عرش العالم، والويل كل الويل للعالم إذا عاد ترامب وغرور الانتصار مسيطراً عليه!

إذا فاز في يناير المقبل، وبعد أداء اليمين الدستورية، سيكون الرئيس دونالد ترامب الثاني، ولن يشابه دونالد ترامب الأول، لن يكون نسخة مكررة منه، فالسنوات الواقعة ما بين 2020 و2024 ستكون «سنوات ظلام» بالنسبة له، وسيحتاج إلى تغيير شامل لأجندة الحكم وإدارة شؤون الدولة العظمى، فالحقد المغلف بالكراهية هو من نشر ذلك الظلام داخل نفس هي في الأصل متكبرة ومعتدة.

وسيصدم الذين أيدوا عودته وساندوه طوال فترة حملته الانتخابية بين أتباع الحزب الجمهوري، وحتى الذين كانوا يرونه أفضل من جو بايدن، وأنا شخصياً منهم، أردته أن يعود بخبرته التي اكتسبها في ولايته الأولى، وبتداعيات هزيمته اللاحقة التي تعتبر أهم دروس حياته، وأن يكون متسامحاً، ويعمل في السنوات الأربع غير القابلة للزيادة على إنجاز ما يجعله «أيقونة» من أيقونات الزعماء الأمريكان، وهم قلة، ليحفر اسمه في سجلات التاريخ العالمي وليس المحلي فقط، أو يدخل في سجل أولئك الذين دمروا بلادهم وأنفسهم!

فأي طريق سيختار دونالد ترامب؟