ما بين الرياضة والسياسة

انتهى العرس الكروي الأوروبي، وذهبت الكأس إلى فريق «الأطفال» الإسبان كما وصفتهم وسائل إعلام الكبار المغرورين بأسماء فقدت بريقها، ألمانيا وانجلترا وفرنسا وإيطاليا، أربعة لا خامس لهم في إحصاءات الخبراء الرياضيين منذ انطلاقة البطولة، هم فقط كانوا مرشحين للفوز بالكأس، واستهانوا بذلك الفريق الذي جدد دماء لاعبيه، وهو يعلم بأنهم كبار في فنهم وإبداعهم، لا تقيدهم النجومية المسبقة، فكانوا نجوماً في حضور العالم، وكم من «فتات الكبرياء» تناثر فوق النجيل الأخضر، والدموع تنهمر من أعين النجوم!

بفارق بضع ساعات فقط، كان الإسباني لامين جمال ابن السابعة عشرة ويوم واحد يحمل كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، وكان الإسباني كارلوس الكراز الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره يحمل كأس البطولة في «ويمبلدون» البريطانية، ويستعيد المقدمة في لعبة التنس، وهذه هي الرياضة، الصغير المقدر لإمكاناته يُعجز الكبار وإن طغت شهرتهم، فالرياضة عطاء وثقة بالنفس وفرص تتاح من الذين يبادلونهم الثقة.

والرياضة مثل السياسة، فيها اندفاع، وفيها حظ، وفيها «عواجيز» يصرون على أن كل الأزمان هي أزمانهم، وكم من دولة شاخت وتساقطت أسنانها وهي لاتزال تعيش على ماضٍ قد انقضى، كبارهم يتجاهلون وقع السنين على قدراتهم، الجسدية والذهنية، حتى لو ثقلت أرجلهم عن حملهم، وزلت ألسنتهم، وقد رأينا من يشبهونهم في ملاعب ألمانيا خلال البطولة الأوروبية، خطواتهم متثاقلة، وتصويباتهم غير ذات فائدة، ويصرون على البقاء في أرض الملعب وكأنهم ضيوف، وإذا استبدلوا ذرفوا الدموع، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتحدى الجميع، حزبه ومؤيديه وشعبه، ويصر على أنه مازال يملك الطاقة للرئاسة أربع سنوات أخرى، ويستدعي تاريخه الذي ولى، وفجأة، وفي نفس يوم التحدي، يتحول زيلينسكي إلى بوتين، وكامالا هاريس إلى ترامب!

للرياضة عمر، وللسياسة عمر، و«الشاطر» هو من ينسحب بهدوء، ويعيش عمره مستمتعاً بذكريات الماضي الجميل.

الأكثر مشاركة