هل يتعلم رونالدو وبايدن؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا غبار على كريستيانو رونالدو، فهو «أيقونة كروية» قلَّ أن يجود الزمان بمثلها، لا خلاف على ذلك، ولكن للعمر أحكام واجبة الأخذ بها، والخضوع لأوامرها، حفاظاً على مكانة أنتجها تاريخ من البذل والعطاء والتضحية والاجتهاد والمثابرة، فإن بدأ العد التنازلي، وخارت القوى، وتثاقلت الخطى، عليه أن يتفكر، ويتذكر، ويتخذ قراره بنفسه قبل أن يتخذه غيره نيابة عنه، فهو ومنذ اللحظة الأولى التي تظهر فيها علامات التراجع وفقدان المهارات البدنية والفنية يبدأ مرحلة «الصرف» من رصيده المتراكم!

كان بإمكان رونالدو أن يتعلم من «الجوهرة السوداء» بيليه، الذي لا يقبل اسمه أن يقارن بأحد، فهو متفرد في لعبه وقيادته وحكمته داخل الملعب وخارجه، هذا الرجل وقف على قمة القمم حاملاً كأس العالم للمرة الثالثة في 1970، وهو لا يزال في سن الشباب ليعلن اعتزاله اللعب الدولي، فحافظ على مجد صنعه بفنه وإبداعه، ولم يقبل نداءات زملائه ومشجعيه ورئيس البرازيل بذاته، قال إنني أحافظ على حبكم وعشقكم واحترامكم، وعاش بيليه بعدها حوالي 50 عاماً والعالم يتحدث عنه، ولا يتحدث عليه، وفي المقابل نرى رونالدو الذي فكر في الانسحاب بعد ذرف دموع الخروج من منافسات بطولة العالم «الدوحة 2022»، يصرح يوم أمس، وبعد خروجه مع منتخبه من بطولة الأمم الأوروبية، بأنه سيشارك في كأس العالم 2026!

ذلك في الرياضة، أما في السياسة فالرمز ماثل أمامنا، وهو رمز الدفاع عن حقوق شعبه، ورمز مقاومة التمييز العنصري في وطنه، من قضى شبابه في سجن معزول 27 عاماً، ولم يتراجع أو يتنازل أو يتقاسم المصالح مع الطرف الآخر، وخرج من السجن كهلاً، وقبل بالرئاسة، رئاسة جنوب أفريقيا، لسبب واحد فقط، وهو أن يعمل على «مشروع المصالحة والمسامحة والعفو» ليزيل شوائب فترة كان هو أحد ضحاياها، وعندما انتهت فترة رئاسته الأولى أصر على أن تكون الأخيرة، تاركاً بلاده في يد من يواصلون المسيرة، وبقي نلسون مانديلا مثالاً للقائد والمناضل والرئيس الذي يعرف أن الحفاظ على تاريخه وإنجازاته أهم وأبقى من بضع سنوات في الحكم.

فهل يتعلم جو بايدن ورونالدو الدرس؟!

Email