رحل بايدن وبقي ترامب

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتخذ بايدن القرار الصائب، ورحل، سمع نداءات الذين يحبونه ويخافون على تاريخه السياسي الذي تجاوز نصف قرن، وربما سمع أيضاً كلام الذين لا يطيقونه، من يرون أن وجوده في البيت الأبيض وهو بهذه الحالة الذهنية قد يجلب الدمار لبلاده وللعالم، خاصة بعد أن ختم حياته الحافلة بالإنجازات السياسية الخارجية بتحمل نتائج ما حدث في غزة لاندفاعه غير المحسوب خلف نتانياهو.

قلت لكم يوم الجمعة إن خطاب الانسحاب من سباق الانتخابات الرئاسية جاهز، ينتظر توقيع بايدن، وإن هذا سيحدث خلال بضعة أيام، وربما خلال ساعات قليلة، وبعد يوم ونصف اليوم، أي خلال 36 ساعة، وقع الخطاب، ونقل الراية إلى نائبته كامالا هاريس، وتنفس الديمقراطيون الخائفون على السلطة التي بين أيديهم الصعداء، وتدفقت التبرعات من المؤيدين بعد توقفها لأكثر من أسبوع، وما جعلنا نتوقع هذا السيناريو هو القراءة المتأنية والواقعية للأحداث المتتالية والسقطات المتلاحقة.

بايدن استجمع شجاعته مع بعض ما بقي له من حكمة تراكمت عبر السنين، وجعل المشهد العام أمامه، فاختار مصلحة بلاده وحزبه وأصدقائه ومؤيديه، وحسم الأمر، ولكنه ترك إرثاً ثقيلاً فوق كاهل الحزب المشتت نتيجة إضاعة الوقت، والصراع الذي بدأ يلوح في الأفق، صراع «ديوك» الحزب الطامحين في القيادة والرئاسة، فقد ترددت حتى مساء الأمس أسماء عشرة مرشحين، ولنقل بشكل واضح أن هناك عشرة أشخاص تراودهم فكرة القفز للأمام، وهذا يعني أن الأمور ستتجمد حتى انعقاد مؤتمر الحزب في الشهر القادم، وفي المقابل، هناك «الأسد الجريح» منطلقاً بأقصى سرعة ممكنة، ولا ننسى أن «ترامب» كان يعاني من جرح عميق إثر انتخابات 2022، وأضيف له جرح أذنه في الأسبوع الماضي، ومن يريد أن ينافسه بحاجة إلى «مقاتل» لا يقل عنه شراسة!

كامالا هاريس أو ميشيل أوباما أو هيلاري كلينتون أو أحد قادة الديمقراطيين من حكام الولايات الذين ترددت أسماؤهم يوم أمس بحاجة إلى «معجزة» حتى يفوز أحدهم بالرئاسة!

Email