انتقل العالم من مرحلة الشك إلى اليقين، فقد نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعوده المصحوبة بالتهديدات للعالم كله، وفرض رسوماً جمركية جديدة، وأضيفت إلى الحروب العسكرية حرب اقتصادية قد تكون هي الأخطر والأكثر ضرراً، وجاءت ردة الفعل بعد ساعات قليلة من «إعلان يوم التحرير»، وكأن أمريكا التي تحشر أنفها في خصوصيات كل الدول كانت مستعمرة قبل الثاني من أبريل 2025، والبداية كانت من الأسواق المالية في أقصى الشرق، ثم تبعتها الأسواق الأخرى حتى وصلت في النهاية إلى أمريكا.
أسعار سترتفع، وبضائع ستتكدس في المخازن، ومصانع ستتوقف، وعمالة ستسرح، وما شهدناه يوم أمس ليس إلا مقدمة للآتي، فالهبوط شبه الجماعي لمؤشرات الأسواق المالية الكبرى كان ردة فعل رؤوس الأموال، ورأس المال كان ولايزال جباناً، لا يحب أن يخوض المعارك، بل يحمل «عصاه» ويرحل بعيداً، ولا يستقر في بيئة طاردة، ولا تعجبه التصرفات العبثية لأهل السياسة، يترك من يثير الشك في نواياه، ويبحث عن مكان آمن يحمي حقوقه ويشعره بالاطمئنان.
كان أمام ترامب وسائل أكثر قبولاً لو كان مقتنعاً بأن العالم «نصب» على بلاده كما قالت المتحدثة باسمه، وعلى رأسها التواصل مع الدول مباشرة، بالطرق الدبلوماسية أو المفاوضات في الاجتماعات الثنائية، ولم يفعل ذلك، بل وضع كل الدول في سلة واحدة، ولم يفرق ما بين الحليف والصديق والعدو أو المنافس التجاري، لأنه لم يفكر جيداً في النتائج والتبعات المتوقعة، وهي حسب توقعات الخبراء في الاقتصاد والتجارة والعلاقات الدولية ستلحق بالولايات المتحدة أضراراً قد تفوق الأضرار التي ستلحق بالدول الأخرى وستخسر إدارة ترامب مصداقيتها وثقة الحلفاء بها، حتى لو تراجعت لاحقاً كما حدث مع كندا والمكسيك.
قال إنه سينهي الحروب فإذا به يشعل حروباً جديدة!