لم يبق شيء يذكر من رسوم ترامب الجمركية، باستثناء الصين التي فرضت رسوماً موازية ضد الولايات المتحدة، وأصرت على اتباع سياسة المواجهة المكشوفة حتى النهاية كما جاء في تصريحات مسؤوليها، والصين هي الدولة الوحيدة القادرة على «مناطحة» هيجان الإدارة الأمريكية، التي لم تكمل شهراً واحداً في البيت الأبيض.
دونالد ترامب أحدث صدمة قوية للعالم، انهارت أسواق المال، وتوقفت المصانع عن الإنتاج في دول كثيرة، وانخفضت أسعار العملات والمواد الخام، وتضررت شعوب كثيرة، وشطبت تريليونات من قيمة الأسهم والسندات الحكومية، وفجأة تراجع ترامب، أجّل كل شيء لمدة ثلاثة أشهر، منتظراً زحفاً جماعياً لقادة الدول نحو واشنطن، ليطلبوا الاستثناء أو التخفيف من تلك الرسوم، وحاولت الأسواق استرجاع ما ضاع، ولكن الخوف من المستقبل غير المضمون حسب سياسة التلاعب الترامبية زرع التردد، وعدم الاطمئنان في القلوب، وربح من اشترى وباع في يوم التراجع، وسجلت السوق الأمريكية تريليوناً ونصف التريليون في ذلك اليوم، وسأل نائب أمريكي المستشار التجاري للرئيس: «من الذي اشترى ومن الذي باع ومن ربح ومن خسر خلال أسبوع التلاعب بالأسواق؟»، ولم يجد إجابة لدى المستشار!
لهذا نعذر الذكاء الاصطناعي، الذي لم يظهر حتى الآن ليجيب عن استفساراتنا حول ما حدث ويحدث، فقد تبين لنا أنه ما دام من صنع الإنسان لا بد أن يتطبع بطباعه، وها نحن نشاهد من يسمون بالمحللين والخبراء في الاقتصاد وأسواق المال، ليس في محطاتنا التلفزيونية العربية التي تتجنب الحديث عن أسواق البلاد التي تتبعها، وتتحدث بإسهاب عن هبوط أسهم الجيران، بل في كل المحطات الغربية، من كندا إلى أستراليا، والشرقية، من اليابان إلى أفريقيا، كلهم يتحدثون، ولا يعطون معلومة صحيحة أو حقيقية، يتكلمون عن تخيلاتهم حتى لا يخوضوا في الواقع المخيف، ليس جبناً ولكن جهلاً، تماماً كما فعل معي «الذكاء الاصطناعي»، الذي خرج ولم يعد !