تُرى ماذا قد يتطلب الأمر لتوليد استجابة عالمية لتهديد عالمي؟ ينظر المراقبون إلى الأزمة المالية في عام 2008 والتهديدات التي يفرضها التمرد والإرهاب في عام 2014 باعتبارها تشكل «خطراً واضحاً وداهماً» على الجميع، وقد أثارت هذه الأحداث استجابة عالمية بالفعل.

ومن ناحية أخرى، يفرض تغير المناخ والتأثيرات المدمرة المترتبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تهديدات أعظم وأبعد أمداً، ولكنها رغم هذا لم تستحث سوى استجابة هزيلة من المجتمع العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية.

لقد وظف العالم السياسة في التعامل مع قضية تغير المناخ لفترة طويلة بما فيه الكفاية. ولن تتمكن الضرورات الانتخابية أو الاقتصادية المباشرة أبداً من تغيير حقيقة مفادها أن الانحباس الحراري العالمي لن تكون الآثار المترتبة عليه في العالم الغني أقل تدميراً مما هي عليه بالفعل في العالم الفقير.

لقد فشل العالم فشلاً ذريعاً في الاستجابة لبروتوكول كيوتو في عام 2005: فاليوم نطلق من الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي قدراً أكبر من أي وقت في التاريخ.

ونحن نعلم أننا في احتياج إلى الإبقاء على الزيادة في درجات الحرارة العالمية عند مستوى لا يتجاوز درجتين مئويتين لتجنب كارثة كوكبية، ورغم هذا فإن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أبلغنا في العام الماضي بأننا على مسار يقودنا إلى ارتفاع متوسط الحرارة العالمية بنحو 3.7 إلى 4.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

لا توجد منطقة في العالم آمنة من تأثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فقد سجلت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أكثر من ثمانية آلاف كارثة مرتبطة بالطقس والمناخ والمياه في مختلف أنحاء العالم منذ عام 1970، وهي الكوارث التي حصدت أرواح ما يقرب من مليونين من البشر وبلغت تكاليفها 2.4 تريليون دولار أميركي.

وقد شهدت إفريقيا ثلث هذه الكوارث، حيث حصدت أرواح 700 ألف إنسان وبلغت تكاليف الدمار الناجم عنها 27 مليار دولار. وفي عام 2012 وحده، شهدت القارة 99 من أحداث الطقس المتطرفة، وهو ما يعادل ضعف المتوسط في الأجل الطويل. وسوف يتعرض 20% آخرون من الأفارقة لخطر الجوع في عام 2050 بسبب تغير المناخ.

وتكاليف التكيف مع تغير المناخ أيضاً مرتفعة: نحو 45 إلى 50 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2040، ونحو 350 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2070. وإذا فشلت إفريقيا في توفير المال اللازم لتمويل التكيف، فإن الضرر الإجمالي قد يصل إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا بحلول نهاية القرن.

الواقع أننا نحتاج من اجتماعات الأمم المتحدة أن تقدم لنا أربع نتائج على أقل تقدير. الأولى تتلخص في التزام عالمي بخفض انبعاثات الانحباس الحراري من خلال السياسات والتنظيمات المالية والاقتصادية التي تتسم بالكفاءة ــ بما في ذلك تسعير الكربون، وخفض إعانات دعم الوقود الأحفوري، فضلاً عن توفير الحوافز وفرض معاير الأداء.

وهذا لن يساعد في مكافحة تغير المناخ فحسب، بل ومن شأنه أيضاً أن يفيد النمو والقدرة التنافسية وخلق فرص العمل.

ويصدق هذا بشكل خاص في إفريقيا، حيث أصبحت بعض البلدان على مسار ينذر بالخطر ويجعلها بين البلدان الرئيسة المصدرة للانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري العالمي، برغم الوفرة التي تتمتع بها من الموارد الطبيعية التي يمكن تطويرها وتنميتها بشكل مستدام وبحد أدنى من الأثر الكربوني.

وثانياً، نحن في احتياج إلى اتفاق عالمي على آليات جمع وتوجيه الدعم المالي الكافي الذي يمكن التعويل عليه والتعجيل بنقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية، وخاصة في إفريقيا. ولن تكون مستويات التمويل الحالية كافية.

كنت أتولى رئاسة المجموعة الاستشارية الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة بشأن التمويل المرتبط بتغير المناخ، والتي خلصت في عام 2010 إلى أننا قادرون على تعبئة 100 مليار دولار سنوياً من خلال فرض ضريبة متفق عليها على كل طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولكن حتى وقتنا هذا، لم يُظهِر العالم الإرادة السياسية اللازمة لتحقيق هذه الغاية.

وثالثاً، يتعين على زعماء العالم أن يتعهدوا بإزالة كافة العقبات التي قد تحول دون التوصل إلى اتفاق عالمي ملزم قانوناً في مؤتمر المناخ العالمي في باريس في ديسمبر 2015.

وعندما يتم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق فلابد من تنفيذه بكل دقة وقوة. وفرض عقوبة مالية ثابتة لعدم الالتزام من شأنه أن يرسل الإشارة الصحيحة حول اعتراف العالم الجماعي بأن مستقبلنا الاقتصادي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستقبلنا البيئي.

وأخيراً، نحتاج إلى التزام محدد وواضح من قِبَل الزعماء الأفارقة بخلق المناخ المناسب لاجتذاب دعم القطاع الخاص للتنمية الخضراء. والواقع أن مستثمري القطاع الخاص الأكثر تفكيراً في المستقبل يبحثون الآن بالفعل عن أي استثمار نظيف يوفر لهم عائداً معقولًا.

وينبغي لإفريقيا أن تجعل العثور على مثل هذه الفرص أكثر سهولة، من خلال الحرص على تنفيذ سياسات بيئية جيدة؛ وإنشاء خرائط طريق وطنية «للنمو الأخضر»؛ وابتكار أدوات تمويل مبدعة للحد من المخاطر؛ وخفض تكاليف المعاملات.

يتعين على زعماء العالم أن يعملوا على التصدي لكل التحديات العالمية التي يدركون مدى خطورتها. صحيح أن منع انهيار البنوك ووقف الهجمات الإرهابية من الأهداف المهمة؛ ولكن ما لم نتعامل بجدية مع تغير المناخ، فمن المرجح أن نشهد المزيد من البنوك المفلسة والمزيد من الهجمات الإرهابية.