يشمل عدد قليل من الناس الذين صوتوا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات عام 2020 الأثرياء الذين استفادوا من التخفيضات الضريبية التي أقرها بدعم الجمهوريين في الكونجرس، أو حتى الأثرياء الطموحين الذين كانوا يأملون في الاستفادة من هذه التخفيضات في المستقبل.
لا شك أن بعض ناخبي ترامب يُركزون بشدة على تعيين قُضاة يمينيين في المحكمة الفيدرالية. لكن الكثيرين من بين 74 مليوناً الذين صوتوا لصالح ترامب فعلوا ذلك لأسباب أخرى.
ومع ذلك، فإن السبب الوحيد المشترك لمعظمهم هو أن ترامب كان رئيساً في الفترة التي حقق فيها الاقتصاد الأمريكي زيادات كبيرة في الأجور للأسر الأمريكية العادية. قبل اندلاع جائحة «كوفيد 19» - وفشل إدارة ترامب الذريع في التعامل معها - عرفت معدلات الأجور في الولايات المتحدة نمواً أسرع من أي وقت مضى منذ فترة رئاسة بيل كلينتون.
إذا عجز الاقتصاد الأمريكي عن تحقيق زيادات مُماثلة في الأجور على مدى السنوات الأربع المُقبلة، فإن هؤلاء الناخبين البالغ عددهم 74 مليون شخص (وربما أكثر) سيُلاحظون الفرق ويُصوتون في عام 2024 لصالح ترامب (إذا ترشح للانتخابات الرئاسية مرة أخرى) أو لصالح بعض أنصاره الجمهوريين مثل السيناتور توم كوتون النائب الجمهوري عن ولاية أركنساس أو السناتور عن ولاية ميزوري جوش هاولي.
بعد خضات سابقة خطرة، لم يعُد الاقتصاد الأمريكي إلى العمالة الكاملة قبل أواخر عام 2019 - أي بعد مرور عشر سنوات بالكامل على تراجع دورة الأعمال خلال أزمة الركود العظيم. ومع ذلك، يمكن اليوم توقع بداية اعتماد سياسات التقشف المالي من جديد. يُصر العديد من المُعلقين على أن أسعار الفائدة القريبة من الصفر غير طبيعية، وأن هناك حاجة ماسة إلى خفض العجز بشكل كبير.
على الرغم من إدراك الصقور الماليين أن تمويل العجز والديون لا يُمثل مشكلة في الوقت الحالي، إلا أنهم يخشون أن يتغير الوضع في أي لحظة.
وفي عام 2012، حاولتُ أنا ولورانس إتش سامرز، الذي كان يشغل منصب مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي، تحذير صُناع السياسات من اعتماد هذا الأسلوب في التفكير، لكننا فشلنا في ذلك، لأن وجهة النظر التي حظيت بالإجماع حول ما يعتقد خبراء الاقتصاد ذوو المؤهلات العالية (والتي تختلف عما يعتقدون بالفعل) قد توطدت بالفعل.
نجح صُناع السياسة في استيعاب درس واحد فقط من الدرسين اللذين قمنا بإبرازهما، والذي يتمثل في أن تمويل الديون ليس مشكلة طالما ظل الطلب على الأصول الآمنة مرتفعاً، لأن ذلك سيعمل على إبقاء أسعار الفائدة على سندات الخزانة مُنخفضة.
والدرس الأكثر أهمية الذي لم يتم استيعابه بعد هو أنه في ظل اقتصاد يعاني من الركود الشديد، يعمل الاقتراض والإنفاق الحكومي على تعزيز ازدهار البلاد على المدى القصير والطويل، وبالتالي توسيع القدرة المالية أكثر من زيادة أعباء الديون.
في ظل هذه الظروف، يؤدي ارتفاع مستوى العجز إلى انخفاض بدلاً من ارتفاع نسبة الدين إلى القدرة المالية. وهذا صحيح بغض النظر عما إذا كانت أسعار الفائدة مرتفعة أو مُنخفضة.
سيكون من السهل على صُناع السياسات تحقيق أي هدف اقتصادي مُرتبط بالازدهار في ظل اقتصاد يُعاني من ضغوط شديدة. إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من النجاحات والإخفاقات السياسية للجيل الماضي هو أن السياسات المالية والنقدية التوسعية لا تزال من بين أقوى الأدوات لدينا لتحقيق هذا الهدف.