أثناء محادثات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 26» (COP26) المنعقد خلال الفترة المنقضية، ألقي باللوم على الهند جراء عدم كفاية جهود مقاومة تقليص استهلاك الفحم.
ومؤكد أن الجميع يعول على الهند الكثير في الخصوص، كونها صاحبة الدور التقليدي الرائد بصفتها المتحدث بصوت العالم النامي. وعلياً، لا بد ان ننصف ونبين ان الهند حققت نجاحات مهمة في هذا المجال. ولا تستحق أن تكون الجهة المذنبة. فقبل كل شيء، يوجد في البلاد 17% من سكان العالم ولكنها تنتج %7 فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. وفي حين أن الاستهلاك المهدر والاستهلاك غير المستدام للطاقة منتشران في الغرب، يعيش معظم مواطني الهند عيشة تقارب عيشة الكفاف، ولا يستطيع الكثيرون منهم الوصول إلى الطاقة. إن توقع أن تحقق الهند الأهداف التي تروج لها الدول الغنية حالياً هو أمر غير عادل، وغير عملي. إن الهند تصون البيئة فعلياً بشكل فطري.
وتتطلب التنمية الاقتصادية - التي لا غنى عنها الطاقة. فقد يكون الفحم ملوثاً، ولكن ليس من المجدي لأي دولة نامية التحول بسرعة إلى بدائل أنظف تحتاج إلى توسيع نطاقها.
وفضلاً عن ذلك، على الرغم من امتلاك الدول الغربية موارد مالية هائلة وإمكانية الوصول إلى أنواع وقود أحفوري أنظف مثل الغاز الطبيعي (الذي يتعين على الهند استيراده)، فهي بالكاد فعلت شيئاً للمساعدة. إذ فشلت في الوفاء بوعود التمويل المناخي للدول الفقيرة (لا سيما 100 مليار دولار سنوياً التي التزمت بتقديمها في «كوب 15» في «كوبنهاغن» في عام 2009)، ورفضت نقل التقنيات الخضراء المتقدمة. وانتقى مؤتمر «كوب 26» الفحم الذي تستخدمه الدول النامية، وليس النفط والغاز المستخدمين على نطاق واسع في الغرب.
ومن المتوقع أن تزداد متطلبات الهند من الطاقة بوتيرة أسرع من متطلبات أي دولة أخرى في العقدين المقبلين. كما قامت الهند بتحديث مساهماتها المحددة وطنياً، والتي يجب أن تفي بها بحلول عام 2030. وتتعهد الدولة الآن بزيادة قدرتها المركبة على الطاقة المتجددة إلى 500 جيغاوات، وتلبية 50 % من احتياجاتها من الطاقة من مصادر غير الوقود الأحفوري.
بطبيعة الحال، ليس الحد من الانبعاثات الطريقة الوحيدة لمكافحة تغير المناخ. وتخطط الهند لإدراج ثلث مساحة أراضيها تحت غطاء الغابات، ولزراعة أشجار كافية بحلول عام 2030 لامتصاص 2.5 - 3 مليارات طن إضافية من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. إذ بدأت مع زيادة الغطاء الحرجي بنسبة 5.2% بين عامي 2001 و2019، على الرغم من أن التقدم كان متفاوتاً، حيث فقد الشمال الشرقي الغطاء الحرجي بينما يتحسن الجنوب بصورة ملحوظة.
ومع ذلك، تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن تحقيق صافي انبعاثات عالمية بحلول عام 2050 هو الحد الأدنى المطلوب للحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. وقام برنامج تعقب العمل المناخي بعملية حسابية مفادها أنه - استناداً إلى الأهداف المناخية الحالية للبلدان لعام 2030- يتجه العالم نحو ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.4 درجة مئوية بحلول عام 2100. ويحذر بعض العلماء من أن الاحترار العالمي قد يتجاوز 4 درجات مئوية في نهاية المطاف.
وإذا حدث هذا، فإن ما ينتج عن ذلك من موجات الحرارة، والجفاف، والفيضانات، وارتفاع مستويات سطح البحر كلها عوامل ستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح البشرية، وانقراض جماعي للأنواع الحيوانية والنباتية، وإلحاق أضرار لا رجعة فيها بالنظام البيئي. وستكون الهند ضحية رئيسية لمثل هذه الكارثة. لذلك، ستبذل الدولة جهداً بحسن نية للمساعدة في تفادي حدوث كارثة مناخية - ولكن فقط في حدود ما يمكنها فعله عملياً.
* وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة، ووزير الدولة الهندي السابق للشؤون الخارجية، ووزير الدولة لتنمية الموارد البشرية، وهو نائب في البرلمان الهندي