أدلى الإيطاليون بأصواتهم أول من أمس في الانتخابات العامة، على خلفية أزمة طاقة ومناخ غير مسبوقة. يقترب فصل الشتاء بسرعة، وستواجه الحكومة المقبلة المهمة الصعبة المتمثلة في حماية المواطنين والشركات مع وضع إيطاليا على المسار الصحيح لتعزيز القدرة على مواجهة التغيرات المناخية وتوفير حصتها العادلة من خفض الانبعاثات.

كانت أحداث الطقس المتطرفة هذا الصيف مجرد لمحة عن الاضطرابات الناجمة عن المناخ التي تنتظرنا. تسببت درجات الحرارة غير الطبيعية وموجات الجفاف والفيضانات الكارثية في مقتل العديد من الأشخاص، وتسببت في خسائر وأضرار اقتصادية جسيمة. من الأفضل أن يتذكر الإيطاليون أنهم يقيمون فيما يسميه علماء المناخ «نقطة ساخنة» لتغير المناخ. مع ارتفاع درجات الحرارة بنسبة %20 أسرع من متوسط المعدل العالمي، يُعد البحر الأبيض المتوسط إحدى أكثر مناطق العالم تضرراً بالمناخ.

فقد شهدت إيطاليا نفسها بالفعل ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وأصبحت التكاليف البشرية والاقتصادية المترتبة على انبعاثاتها السابقة وخيارات البنية التحتية قصيرة الأجل في تصاعد مُستمر. وفي الفترة ما بين عامي 1980 و2020، سجلت إيطاليا أكثر من 21.000 حالة وفاة بسبب الظواهر الجوية المتطرفة، بعد ألمانيا وفرنسا فقط في أوروبا. وفي الخمسين عاماً الماضية، أجبرت الانهيارات الأرضية والفيضانات أكثر من 320 ألف شخص على إخلاء منازلهم، وأدت إلى تآكل حوالي 40 مليون متر مربع من واجهة الشاطئ.

سترتفع التكاليف الاقتصادية أضعافاً مضاعفة مع ارتفاع درجات الحرارة، مما سيؤثر بشكل أساسي على الشرائح السكانية الهشة والمُستضعفة. ووفقاً لبعض التقديرات، قد يؤدي تغير المناخ إلى خفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا بنسبة %8 بحلول عام 2100. وقد تتجاوز الخسائر في البنية التحتية 15 مليار يورو (14.8 مليار دولار)؛ وقد تصل التكاليف الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات الساحلية إلى ما يقرب من 6 مليارات يورو؛ ومن المحتمل أن تنخفض قيمة الأراضي الزراعية بأكثر من 160 مليار يورو؛ كما قد يكلف تراجع الطلب في قطاع السياحة 52 مليار يورو (ويرجع ذلك جزئياً إلى أن %18 فقط من المنتجعات في جبال الألب الإيطالية ستظل تحتوي على غطاء ثلجي طبيعي مناسب لموسم الشتاء).

تُشكل الأحداث المأساوية الأخيرة مثل انهيار نهر مارمولادا الجليدي والفيضانات الشديدة التي اجتاحت ماركي رمزاً لبيئة المخاطر الجديدة.

من الواضح أن تغير المناخ يمثل تهديداً رئيسياً للأمن القومي بالنسبة لإيطاليا. وعلى الحكومة الجديدة التصدي لهذه التحديات. وهي فعلياً، بمثابة فرصة لتغيير المسار في العمل لتجنب مسارات الاحتباس الحراري التي ستجعل في نهاية المطاف أجزاء كبيرة من البلاد غير آمنة للسكن أو السياحة، يتعين على الحكومة المُقبلة إدراك أنه لا يمكن تحقيق أمن مناخي بدون الاتحاد الأوروبي.

كلما أسرعت الاقتصادات الرئيسية حول العالم في التخلص من الكربون، كان الوضع في إيطاليا أفضل. على الحكومة المقبلة دعم أجندة المناخ الخاصة بالاتحاد الأوروبي والقيام بدورها لإنجاحها.

ومن ناحية أخرى، يتعين على الحكومة المقبلة إدراك أن محاولة تحقيق الأمن المناخي من خلال إصلاحات تكنولوجية بسيطة أو نهج شامل للقيادة والتحكم من شأنه أن يُثير حتماً ردود فعل سياسية عنيفة.

وأخيراً، يجب على الحكومة المقبلة أن تُقدر أوجه الترابط العديدة بين الاقتصاد والبيئة.

* المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للسياسة الدولية في «ECCO»، وهي مؤسسة فكرية إيطالية مستقلة تركز على تغير المناخ