أصبح سكان مدينة نيويورك يتوقعون حدوث فوضى مرورية عندما تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من كل عام. لكن في عامنا هذا، ينطوي الأمر أيضاً على ازدحام شديد مُحبِـط داخل أذهان الحاضرين. يبدو الأمر وكأن الجميع تخيم عليهم سحابة من الإحباط واليأس، مع وجود ممثلين من مختلف أنحاء العالم يتنافسون في الأساس لتحديد أي بلد هو الأسوأ.

لا تزال مجموعات كبيرة من أعضاء الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ترفض الالتزام بقبول نتائج الانتخابات. مع ذلك، في حين كان من المنطقي أن تمنح المخاوف من التضخم والركود الجمهوريين ميزة على الديمقراطيين الذين يشغلون مقاعد السلطة حالياً في انتخابات التجديد النصفي، يركز الحزب الجمهوري بدلاً من ذلك على حشد قاعدته الصغيرة من المتشددين حول أجندة تفتقر بشدة إلى الشعبية، تتلخص في حظر الإجهاض، والمعاملة غير الإنسانية للمهاجرين.

من ناحية أخرى، تصارع المملكة المتحدة فوضى ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وتَـزَعـزُع الاستقرار المالي الذي من المتوقع أن يزداد سوءاً مع تنفيذ الحكومة الجديدة أجندتها الداعمة للنمو.

في فرنسا، تملّك اليأس من المعلقين إزاء عجز الرئيس إيمانويل ماكرون عن إطلاق أجندة إصلاحية جديدة. وفي ألمانيا، أعلنت حكومة جديدة بجرأة عن تحول تاريخي، لكنها تناضل الآن في محاولة تنفيذ الجزء الأكثر إلحاحاً من أجندتها، إصلاح سياستها الدفاعية. في انتخابات السويد هذا الشهر، كان المنتصر الرئيسي أحد أحزاب اليمين المتطرف الذي يكرس جهوده لمهاجمة الركائز الأساسية للإجماع السياسي السابق. وفي أوروبا في عموم الأمر، يجد صناع السياسات، المنهكون فكرياً بعد عقد من الزمن من المناقشات حول التفاعلات بين السياستين النقدية والمالية.

كل هذه البلدان عالقة في فخاخ من صنع هواجسها التاريخية. في حين تسعى القوى التاريخية الكبرى جاهدة لإيجاد طرق للخروج من مآزقها السياسية، تبدو بعض الدول الأصغر حجماً أكثر سعادة وقدرة على الصمود، واستقراراً بالمقارنة، لجمع هذه الدول معاً كثقل موازن لمجموعة السبع، ومجموعة العشرين، وغيرهما من التجمعات المتصلبة.

يبلغ عدد سكان أربعة من البلدان الأعضاء التأسيسية الثمانية ــ الدنمارك، وفنلندا، وأيرلندا، وسنغافورة ــ من 5 إلى 6 ملايين نسمة، وربما كان بوسع المنظمين أن يضموا أيضاً دولاً أخرى مرنة بشكل مذهل من ذات الحجم، مثل كوستاريكا، والنرويج، وسلوفاكيا. على أية حال، تمثل مجموعة الثماني وجهة نظر مفادها أن التحديات الواضحة التي تواجه الدول الصغيرة يجب أن يُـنـظَـر إليها على أنها حافز لتقديم حلول منتجة، وليس كذريعة للانغماس في اليأس.

لقد نجحت أوكرانيا في الاستثمار في ضعفها لتحويله إلى سلسلة من الردود على العملية الروسية، فبينما يعمل قادتها السياسيون على حشد الدعم العسكري والمالي من الأصدقاء والحلفاء في مختلف أنحاء العالم، يعكف مطورو البرمجيات الموهوبون لديها على التصدي للهجمات السيبرانية الروسية على مدار الساعة، وإطلاق الهجمات من جانبهم.

من منظور البلدان الصغيرة الضعيفة التي لا تتمتع بموقع جغرافي مميز بشكل فريد (كما في حالة سويسرا)، تخلق التهديدات الأمنية الحاجة إلى إنشاء تحالفات قوية، والتي بدورها من الممكن أن تعمل على تعزيز الاستقرار على المستويين السياسي والاقتصادي.