ثقافة عَيش خلاقة

لن تكون علمية أو طبية، مشكلات البشرية في الغد القريب، إنما اجتماعية وسيكولوجية بحتة.

تلك هي خلاصة بحوث نخبة علماء، شرعت تحذر، أخيراً، من مآلات إغفالنا معالجة دقائق أزماتنا المجتمعية، منبهة إلى معطى أخذ يعزز حساسية القضية، فحواه: إخفاق الجهات المعنية في الخلوص إلى توصيفات ناجعة لماهيات تعقيدات المجتمع.

مؤكد أن ما نعيشه من أزمات متضخمة في الخصوص، لم يتأت من فراغ، بل إنه حصيلة تحوّر كنه ثقافتنا الحياتية، عقب أن أصبح الشره والمغالاة عمودها الفقري. فكان ذاك مدعاة هجرنا واحة البساطة.. إلى أن وقعنا في الفخ وانجرفنا إلى هاوية تشابكات عويصة، مقلقة مهددة.. ولا تحصى، تتقدمها حال جفوتنا المفزعة مع أمّنا الطبيعة جراء رؤيتنا النفعية المادية، التي أفرزت أبعاداً خطيرةً ولدت لدينا جملة محددات مفاهيمية هجينة. ومن ثم غدونا أسرى فكرة هدامة توجه دفة يومياتنا، عنوانها النظرة المصلحية الخالصة.

لا نحتاج كبير جهد لنتبين حقيقة أن ثقافة العيش المسيطرة في مجتمعاتنا، تناءت عن جوهرها بوصفها عصارة المعارف البشرية المؤدية وظيفة اجتماعية حيوية: حل معضلات الإنسان وتسخير إمكانات الطبيعة لإسعاده. ولا جدال في أننا مطالبون التعجيل في تصويب مضمونها..وإعادتها إلى دورها ومطرحها، فجعلها في مجال سيطرتنا، لا مستقرة أمامنا وتقودنا. وعلينا، أولاً، مباشرة تأهيل جديد لذواتنا، يطرد مساقات التسليع والتشنج من دواخلنا ويحجم غلواء الأنا فينا.

طبعاً، ليس من وصفة سحرية هاهنا. لكن البداهة تحتم ضرورة تمسكنا بجذر ذاكرتنا الجمعية، الملتصقة بمفردات المكان وروحه البعيدة عن المغالاة، فكراً وممارسةً. فبذا فقط، نهيئ مسارات توظيف خلاق لثقافتنا، تمهد العقبات وتبعث الأمل في نفوس البسطاء.. وتقوي عرى اللُّحمة والتواصل بين الناس.