نحو عولمة مغايرة

تتجاوز دبي، في طبيعة إسهامها الحضاري، حدود تموضعها ملتقى للمال والأعمال، أو وجهة سياحية.

فها هي ملامح حكاية عصرية ساحرة فيها، طفق يتنامى بريق إشعاعها، تُهيِّئها لتكرس عبر معطيات موضوعية بيّنة، نموذجاً إيجابياً لمفهوم العولمة وتطبيقاتها من دون سمتي التعقد وعدم التجانس اللتين تلونان وجهها وتجعلان توصيفات العولمة محصورة في خانة اعتبارها هدامة وأداة سيطرة غربية.

إنها وصفة بسيطة، لكنها خلاقة تقوِّضُ دانة الدنيا معها سيل التنظيرات الأكاديمية الجافة، عقب أن نفخت في مفرداتنا الحياتية المعولمة، روح الشرق، فصوَّبت جوانب كثيرة فيها. وكستها ملمحاً إنسانياً.

ثم أطلقتها تتجانس ومروحة المنظومات الاجتماعية والفكرية المتنوعة، ضمنها، والتي أسكنتها فضاء مشتركات واحد يمهد تقاربها، بعيداً عن سلطوية أي منها أو تبعية الأخرى، وكذا يعزز تداخل الكوني والمحلي في نطاق ممارسات تفرز التلاقي والتمازج، لا التضاد والصدام.

لا تتجسد العولمة في مجتمع عروس الخليج العربي، ظاهرة أحادية المصدر واللون، إنما ظاهرة معاشة، متعددة المراكز والأقطاب، ومطوَّعة لخدمة تكامل البشرية والتهجين الفاعل الذي يصون خصوصيات الفرقاء.

وبذا، محال، والحال هذه، أن تثير تدفقاتها في "مدينة العالم"، مقاومات وحساسيات هوياتية متشنجة، خاصة وأن منتوجات الثقافات كافة فيها، تتراكم وتتصادم بمسارات بناءة تجدل تناغم المعولم والحداثي.

ليس تهليلاً أو مجانبة للحقيقة، القول، إن دار الحي، حالياً، دار البلدان كلها. وروضها أيضاً، وأبلغ براهين ذلك، أنها طوَّحت في خيمة مجتمعها الجامع، بقواقع إقليمية الثقافة الحياتية، مرسخة أسلوب عيش وتعاطٍ لا يشيطن الآخر، بل يوسّع كوات الأمل والانفتاح بين الناس، في محيط العمل ومطارح الترفيه وبيوتات الحوار، لينير أفق تقارب الشعوب ويوجه دفة العولمة نحو الوئام والوفاق والانسجام.

الأكثر مشاركة