عدالة عنكبوتية

تخطت الأفكار والمعلومات دورها التقليدي كمصدر أساس لعمليات الإنتاج البشري. فحضورها القوي وتأثيرها الطاغي داخل الاقتصادات القائمة على المعرفة، حالياً، كرساها محركاً للتطور المجتمعي ومعاملاً رئيساً لمراكمة الثروات. وغير خافٍ، طبعاً، أننا أصبحنا ملزمين بتلقفها بوساطة حوامل عصرية، تتجسد في تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وأنماطها.

إن محور الرهان المستقبلي للدول، سيكون مستوى قدرتها على الاستفادة القصوى من شبكة الإنترنت، لأن محدودية استثمارها ستقود إلى التخلف.

لكن الإنسانية تواجه تحدياً رهيباً في هذا الشأن، يتمثل في الفجوة الرقمية العالمية. فشبكة الإنترنت موسومة بعدم العدالة في انتشارها وتركُز نشاطها بموازاة ميزاتها المتقدمة، لدى جهات محددة. فهل يعقل أن إفريقيا، الحاضنة 19% من سكان العالم، نسبة مستخدمي الإنترنت فيها 1% (طبقاً لدراسة أجريت قبل سنوات)؟ ولمَ تبقى كفة الغرب راجحة في الحقول الرقمية؟

الوصول إلى الإنترنت والتمتع بخدماتها، راهناً، ليس ترفاً أو نوعاً من التسلية. ولا مناص من إزاحة معوقات تمددها وردع سيطرة دول بعينها عليها.

وكذا لم يعد مقبولاً شح أو فشل مبادرات هيئة الأمم المتحدة في الخصوص، فعلى عاتقها تقع مسؤولية ترسيخ «ديمقراطية الإنترنت والمساواة بين الأطراف فيها». وهل لنا أن نعلم ها هنا، أين وصلت مراحل مشروعها الإنمائي لإيصال الإنترنت إلى كل قرية في المعمورة سنة 2015؟

هناك أشكال حلول متنوعة يمكن تبنيها. وفي حال بادرت المؤسسات المتخصصة إلى تجويد ربط بقع العالم كافة بالشبكة العنكبوتية، فربما ستغني الهواتف المحمولة بنسختها الذكية، في ظل كفاءتها العالية وأسعارها المعقولة، عن الحاجة إلى جهاز الكمبيوتر. وتكون بذا أمل العالم في علاج ناجع، يتيح حصول الفقراء والأغنياء على خدمات متماثلة في هذا المجال.

الأكثر مشاركة