في نهاية شهر مارس الماضي، شبّه الراحل الكبير الأمير سعود الفيصل أمام مجلس الشورى السعودي في جلسة استعرض فيها سياسة المملكة العربية السعودية ومبادئها حالته الصحية بحال الأمة العربية.. كثير من السطحيين اعتبروا الأمر مداعبة من الفيصل لمستمعيه ولم ينظروا بتعمّق.

الفيصل كان ينعى نفسه.

استباحة المسجد الأقصى على يد سلطات الاحتلال منذ ثلاثة أيام دون أي تحرّك عربي وإسلامي مؤثّر يجاري الحدث ـ الجريمة لهو كارثة بكل ما للكلمة من معنى.

جرأة الاحتلال على استباحة حرمة المسجد الأقصى في هذا التوقيت دليل على أنّ إسرائيل تعرف حقيقة »وضعنا الصحي«. فـ»الأمة« مهلهلة، مهشّمة، نخرتها الفرقة، ودوّختها القضايا الجانبية.

فتن من الداخل، وفتن من »الأخوة« الجيران.

إرهاب وتطرّف.

شعوب فاض بها الكيل، ففضّلت الموت غرقاً أو هرساً في فك أسماك القرش على البقاء في ظل حاكم يبيد شعبه.

جامعة عربية.. بياناتها باتت بلا أي تأثير.. ومواقفها لا تتعدى الإنشاء، وصفصفة الكلمات.

دول بوصلتها تائهة. وبعضها يعتبر الشعب هو العدو.

حكومات حاضرة الصوت: تحذّر، وتشجب، وتندّد.. بينما الفعل ضمير مستتر.

في المقابل، كان العدو يعرف ما يريد. أجندته ثابتة (نحن نعرفها ونحذّر منها منذ عقود، ولكن نغض عنها الطرف). والزمن عنده لا يتوقّف كما عندنا. عدو يعرف متى يفعل وماذا يفعل.. ولا يكترث برد الفعل لأنه يعرف مسبقاً سقفه الواطي (المنخفض).

مخطط تقسيم الأقصى مكانياً وزمانياً مكشوف منذ شهور، ولكن في ظل غياب الفعل العربي كان الأمر الواقع، للأسف، بيد حكومة الاحتلال.