أصبح الذوق العام جزءاً من أخلاق المرء، وهو مطلوب في أشكال التعامل مع الآخرين كافة، لما فيه من لطف وتهذيب وحسن تصرف، وتجنب إحراج الناس، لكني لاحظت خلال السنوات الثلاث الماضية، أن المطاعم في الدولة أخذت تتنافس في إبراز الجودة من خلال توجيه أسئلة مزعجة للزبائن في لحظات غير مناسبة، ما يسبب إحراجاً شديداً لهم، وسأضرب أمثلة عشتها بنفسي.

ذات مرة جلست في مطعم أتناول فطيرة، ومع أول قضمة وجدت النادلة مبتسمة أمامي وتسألني: كيف وجدت الفطيرة؟ شعرت بإحراج شديد وفمي نصف ممتلئ، فماذا عساي أن أقول! اكتفيت بابتسامة حتى ابتعدت.

ومرة كنت أتناول ساندويش في مقهى وبمجرد أن قضمت نصفها من أول عضة ظهر لي النادل كونه جنياً من تحت الأرض وسألني كيف السندويش؟ فشعرت بالشفقة على نفسي، ولم أعرف كيف أجيبه وفمي مملوء تماماً وهو ينتظر إجابتي، فأشرت له بإبهامي للأعلى كي يبتعد عني، ويتركني في سلام.

والثالثة هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إليّ، فعندما جلست مع صديق في مطعم شهير، ووضع النادل الطعام أمامنا، أمسكنا الشوكة وبدأنا نأكل، وفجأة وجدت وجه النادل في صحني يسألني كيف وجدت الطعام!

ارتبكت بشدة فلم أر في حياتي نادلاً ينحني على الطاولة، ليصل وجهه لداخل صحني، وخشيت من خروج بصاق من فمه في طعامي أو سقوط شعرة، فابتعدت بجسدي فوراً عنه، مبدياً انزعاجي الشديد، وقلت له: أتريد أن تأكل من صحني! إذا لم يعجبني الطعام سأناديك، لا أحتاج إليك معي وأنا آكل.

أين هؤلاء من الذوق! أكلت في مطاعم في أوروبا وأميركا، ولم أجد نادلاً يضايق الزبائن، ويتعدى على خصوصياتهم بهذا الشكل.

مسك الختام: في لهجتنا الإماراتية نقول »لا تغث فلان«، أي لا تقطع عليه ما يفعله.