أرقام صادمة تلك التي كشفتها دراسة أعدها المنتدى الاستراتيجي العربي، أمس.

كلنا كان يعرف أنّ الخسائر المادية دامية، والخسائر البشرية فادحة والدماء التي استبيحت لا تقدّر بثمن. لكن بعض المجتهدين الذين يؤمنون بلغة الأرقام حاولوا تقدير الخسائر التي تسبّبت بها فوضى الربيع العربي فوصلوا إلى رقم 833.7 مليار دولار أميركي.. وهذه خسائر من قوت الشعب العربي وقوّته. أمّا إعادة إعمار البنى التحتية فتحتاج إلى 460 مليار دولار.

وتبقى إعادة إعمار النفوس والنفسيات عصيّة على التقدير.

شهدت بلادنا، وبالأخص العزيزة سوريا، أكبر كارثة إنسانية تمثّلت في تشريد أكثر من 14 مليون مواطن عربي، وتحويلهم للاجئين، لتزداد قائمة الشتات العربي على طول الكرة الأرضية.

وتوضح الأرقام التي تضمّنها تقرير »كلفة الربيع العربي« الذي أصدره المنتدى الاستراتيجي العربي، صورة بائسة للتداعيات والانعكاسات السلبية لما اصطلح على تسميته »الربيع العربي« على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، ولعقود. وكنتيجة مباشرة، وفي السياق الحضاري، ضاعت آلاف الفرص على الشباب العربي، كما تحطّمت الفرص التنموية التي يحتاج »اللحاق« بها مرّة جديدة عقدين على الأقل، كما دمر إرث إنساني، فضلاً عن »إبادة« مدن، وتاريخ، وصناعة، وزراعة.

أنا على ثقة بأن عزيمة الشباب العربي قادرة على بناء ما تهدّم.. ولكن المطلوب من القيادات، على مستوى مؤسسات المجتمع، والمنظمات الحقوقية، وصولاً إلى مستوى القمة العربية (وبالطبع جامعة الدول العربية) العمل على »إعادة« بناء الثقة.