تفاعل جمهور كبير من المواطنين مع مأساة المواطن الشاب محمد العبدولي، الذي توفي تاركا أسرة مكبلة بالديون، وقصة شائكة مع المساعدات الاجتماعية، التي لم يحصل عليها، كونه لم يكن مؤهلا للحصول لها بحسب صرامة القانون الذي يفترض إصابة المتقدم بعجز يقدر بـ80 في المئة، وكون العبدولي صاحب عجز يقدر بـ50 في المئة فقط، حيث إن تلك الصرامة في القانون وقفت عائقا أمام تمتعه بالرعاية الاجتماعية..

 هذا التفاعل الذي تغلف بالحزن وبالغضب، ملأ رسائل البلاك بيري والمنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي وغطى أحاديث الناس. والناس ليسوا ملامين في هذا، حينما تنفطر قلوبهم تجاه أحد من إخوانهم المواطنين. لكن بين منطق العاطفة ومنطق العقل، تبقى هناك مساحة كافية للمراجعات والوقوف على الأسباب. لهذا يصبح ما تتعرض له الوزارة وما تتعرض له الوزيرة بالذات في فورة الأحاديث بين الناس، غير جائز طالما أن القضية على طاولة البحث، وطالما أن التفاصيل لم تتضح بعد.

هناك استجابة سريعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بإيقاف القرار الخاص بخفض المساعدات في وزارة الشؤون الاجتماعية، وبتشكيل لجنة خاصة للتحقيق حول الطلب الذي تقدم به المواطن محمد حسن العبدولي إلى الوزارة، والإجراءات التي تم اتخاذها للتعامل مع حالته.

نقول هذا ليس دفاعا عن الوزارة ولا عن الوزيرة، ولكن هناك إجراءات وهناك لجنة ستتقصى الحقائق، وهناك استجابة سريعة من القيادة، لا تقبل أن تتكرر مثل هذه الحالات.. والتريث سيد الموقف.

لكن الأمر الآخر والذي يستحق التأمل فعلا، هو في النسبة التي تم تحديدها للعجز الذي يؤهل للرعاية الاجتماعية، هذا القرار الذي يحدد رقما جافا، وصارما في التعامل مع حالات العجز. وهنا نذهب إلى تشريع هذا القانون الذي يستهدف رعاية المواطنين في حالة عجزهم، إذ ليس من المنطق أن يتهالك الإنسان لكي يحصل على الإعانة الاجتماعية ويصبح تحت رحمة رقم أو نسبة، فهذا القياس صارم بكل ما تعنيه الكلمة.

ففي النهاية الدولة مسؤولة عن المواطن وعن استقراره، وعن توفير ضمان اجتماعي يوفر له العيش الكريم، وليس رقما عليه الوصول إليه لكي يصبح مؤهلا! هنا العلة الأساس، إذ تصبح الأسئلة منطقية، حول من قرر هذه النسبة، وهذا الرقم؟ ولماذا لا يتأهل المواطن للرعاية الاجتماعية، حتى ولو وصل عجزه إلى 50% وليس 80%؟ ولماذا يصر مشرع هذا القانون على عجز شبه كامل؟ ونحن في دولة حباها الله بالخير، وتتعامل مع نسبة مواطنين لم تتجاوز المليون نسمة؟

هذا جزء من أسئلة الاستفهام التي يتداولها الناس، وهي أسئلة منطقية. فالأمر كله في الصرامة التي تغلف القوانين التي تحدد متى يستحق المواطن ومتى لا يستحق!