يختتم مهرجان دبي لمسرح الشباب فعالياته اليوم، بحفل يتم فيه تكريم عدد كبير من الشباب هواة المسرح، بعد أن تنافسوا من خلال 11 مسرحية قدمت أمام لجنة التحكيم، ووسط تظاهرة شهدتها ندوة الثقافة والعلوم في دبي خلال عشرة أيام متتالية.. هذا المهرجان الذي ولد قبل خمس سنوات، من خلال ورشة صغيرة تبنتها هيئة دبي للثقافة والفنون، وحظيت برعاية مباشرة وسخية من سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس الهيئة، أصبح اليوم منصة وحاضنة مهمة لممارسة الفن المسرحي الجاد، البعيد عن الإسفاف.

المسرح الذي يتناول هموم الإنسان، أينما كان، ويتبنى قضايا عربية وقضايا محلية، بفكر وإبداع شبابيين. نجاح مهرجان دبي لمسرح الشباب، والذي أصبح مهرجانا على مستوى عالٍ من التنظيم، مثال صارخ لمعنى الاستثمار في الأفكار، ومعنى تطويرها وتجويدها. فكثرة من الورش الصغيرة تأتي وتذهب، وكأنها لم تكن موجودة، ورش وفعاليات صغيرة، لكنها تعبر عبور الكرام، لا تجد من يمد لها يد العون، ولا تجد من يدفع بها إلى الأمام لاستثمار فكرتها.

الحديث عن مهرجان لمسرح الشباب، هنا ليس انحيازا لهذا الضرب من الفنون، لكن نأتي به كمثال، نجحت فيه الرعاية، ونجح معه الدفع والدعم والإصرار على جعله ملمحا من ملامح الحركة الثقافية والفنية في البلاد.

 مثل هذه الأمور تطرح أسئلة عدة حول مسائل تطوير الحاضنات الشبابية، خصوصا في مسألة الثقافة والفنون، ففي واقعنا اليوم هناك أجندات عمل ونشاط شبابي يتناثر هنا وهناك، لكن تلك الأجندات وتلك المناشط ما زالت تراوح في مكانها، وكثير منها يأتي في خانة "تحصيل الحاصل".. عديد من الجهات المسؤولة عن الثقافة والفنون، يتعامل مع مثل هذه البرامج كأرقام في قوائم النشاط. وبرمجة النشاط تتم بعملية آلية، قائمة على حسبة الكم وليس النوع، تسجل فيها الإدارة المكلفة رقما في الإنجاز لا النوعية.

سر نجاح الورشة الصغيرة للمسرح، والتي أقيمت قبل سنوات، وصولا إلى صياغتها في مهرجان كبير يمتد على مدى عشرة أيام، تجند له الطاقات، ويستقطب القاصي والداني.. هو أن الجهة المشرفة والراعية والداعمة، لم تعمل وحدها، منعزلة ومنفردة بقراراتها وآرائها. السر أن هيئة دبي للثقافة أبقت الباب مفتوحا على الاقتراحات، وكانت تسمع أكثر مما تتحدث، فوجدت نفسها في موقع لا تحسد عليه.

فالذي طور مهرجان دبي لمسرح الشباب، من ورشة صغيرة إلى مهرجان يوازي جميع المهرجانات العربية من حيث الترتيب والتنظيم، هو أن المسرحيين، في الشقين: الرواد والشباب، وجدوا أنفسهم مشاركين بآرائهم وتصوراتهم في تحديد ملامحه. لهذا نجحت الفكرة الصغيرة في أن تكبر وتصبح بهذا الحجم. مثل هذه الحالة الطبيعية، المستقرة، في تكوين الأشياء والأمور، قد تسهم في دعم أفكار صغيرة لكي تصبح كبيرة. فقط تحتاج إلى أمر واحد وبسيط، وهو أن تستمع الجهات المعنية أكثر مما تتحدث وتصرح.