مع اعتماد الحكومة لمشروع الميزانية العامة للاتحاد عن العام 2012، وإصرار القيادة على توجيه الأولويات فيها للصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية للمواطنين، وتطوير الخدمات الحكومية، يكون المشروع قد توجه إلى مواضِع مهمة، لتوفير سبل الراحة والاستقرار للمواطن، فهذه الركائز الأربع، هي التي تتقاطع معها هموم المواطن وبشكل يومي،.

وإذا ما سارت الأمور كما يراد لها أن تسير، لتوفير المزيد من الرخاء وسد النواقص في الخدمات، فإنه من المفترض أن يشهد العام 2012 انزياحاً وتلاشياً لكثير من المعاناة التي يعاني منها المواطن في تعاطيه مع هذه المواضع، التي ركز عليها مشروع الميزانية العامة. فالمتمعن في شكاوى الناس.

وفي الشعور باعتلال الخدمات خلال الفترة الماضية، يرى أن هموم المواطن لا تتركز إلا في هذه المواضع، ولنا أن نشهد ذلك من خلال هروب المواطن إلى القطاع الخاص حينما يحتاج إلى الخدمات الصحية، لوثوقه فيها، ولاختلال الثقة في الخدمات الصحية الحكومية، وبهذا المشروع من المفترض أن نرى عملاً كبيراً من وزارة الصحة وأجهزتها لاستغلال الفرصة الثمينة والحصة المناسبة من الميزانية، لكي يتم استعادة المواطن للتمتع بمزايا خدمات الحكومة الصحية، الأمر الذي سيزيح عن كاهله الثمن الباهظ الذي يدفعه لتسديد فواتير العلاج في القطاع الصحي الخاص. وعلى منوال الكلام الشعبي.. «الكرة اليوم في ملعب الصحة طالما صار عندهم فلوس».

الأمر نفسه ينسحب على قطاع التعليم، والذي توليه ميزانية 2012 اهتماماً خاصاً، فمن المؤمل أن تسعى وزارة التربية والتعليم إلى تطوير المدارس، وإذا نجحت في تحقيق الثقة لدى أولياء أمور الطلبة المواطنين، فمن المفترض أن يعود قطاع كبير من الطلبة إلى حياض المدارس الحكومية، بدلًا من الهرب إلى مدارس القطاع الخاص، التي أصبحت أكثر طمعاً وجشعاً.

وصارت تثقل كاهل المواطن بتكاليفها الدراسية الباهظة، لكن أيضاً في المقابل، فإن لا أحد يلوم المواطن حينما يفقد الثقة في مدارس وزارة التعليم ويذهب إلى القطاع الخاص بحثاً عن تعليم نوعي، لهذا فإن الحقيقة تقول «شعور المواطن بالرفاه هو شعوره بأن هناك خدمات حكومية تسعى لتحقيق طموحاته وآماله»، فهل تستطيع وزارة التربية والتعليم أن تعيد آلاف الطلبة المواطنين إلى مدارسها، لتخفف العبء عن الآباء والأمهات الذين يدفعون الملايين للقطاع الخاص؟ إذا تحقق ذلك؛ فإن الأهداف الرامية إلى الرفاه تشير إلى ضرورة العمل في الحدود القصوى، مثلما تتوجه نوايا وأهداف الموازنة التي وضعتها الحكومة.

الخدمات الاجتماعية هي أيضاً على المحك نفسه، وكذلك تطوير الخدمات الحكومية، لأن هذه الأخيرة بالذات هي التي تبلور وتحدد مدى نجاح الأهداف في السعي لتحقيق الرفاه للمواطني، بل يأتي تطوير الخدمات الحكومية على رأس الأولويات، وهو ذاته الهدف الذي سعت إليه الحكومة حينما وضعت استراتيجيتها الأولى لرفع المستوى والعمل على التحديث.

إن هموم المواطنين تتركز كثيراً في اصطدامهم بالروتين الحكومي، فعلى الرغم من كل السياسات التطويرية ما زال الروتين والبطء يعرقلان تيسير الأمور وتسهيلها. موازنة 2012 تحمل طموحاً لتحقيق الرفاه للمواطنين، لكن التنفيذ سيبقى على المسؤولين عن القطاعات التي استهدفها المشروع، الهمة والعمل وإزاحة العراقيل ستبقى مهمة من ينفذ.