تنتاب المتابع لتطورات الأحداث في اليمن، حالة من الدهشة والاستغراب إزاء هذا الإصرار الأميركي المدعوم بريطانيا على إفشال الدولة اليمنية، الحليفة لهم والمتعاونة إلى حدود بعيدة جدا معهم في مختلف القضايا والملفات.
 

لا تكاد تمر على اليمن عدة شهور حتى يفجر الأميركان في وجهه قنبلة من العيار الثقيل بحيث لا يكاد يفيق ويتجاوز آثار محنة من المحن حتى يزج به في أتون محنة أخرى، على أن الغريب هو تشابه هذه المحن وتركزها فيما يدعى بالإرهاب والقاعدة مع بقاء مروجي هذه المحن وتركزهم في الأميركان ومن خلفهم البريطانيون، وبعض من الأيادي الخفية في الدولة التي لم نكن نتوقع في اليمن أن يكون هذا موقفها.
 

وسائل الإعلام الأميركية والغربية أقامت الدنيا في أقل من ساعة، حتى إن الرئيس أوباما لم يتمكن من الخلود إلى الفراش قبل أن يعلن على الملأ انه لابد من التدخل في اليمن ووضع حد لما يجري.
 

مسكين أنت يا أوباما، كان بإمكانك أن لا تكسر روتينك وتلخبط ساعتك البيولوجية وكنا في اليمن سننتظرك حتى الصباح لتلقي على مسامعنا ما أردت من تهديد ووعيد تعودنا عليه.
 

نعم لقد تعودنا على تهديد ووعيد الأميركان ومن خلفهم، وتعودنا على سماع حيلهم وألاعيبهم عندما يريدون التدخل في بلد ما.
 

أما الآخرون من جيران اليمن الذين ادعوا أنهم اكتشفوا حكاية الطرود مبكرا، ألم يكن من الأجدر بهم إبلاغ صنعاء أولا لإفشال المخطط المزعوم قبل أن يتحول إلى تهديد عالمي كما يقولون.
 

والغريب أيضا كيف يزج باسم طيران الإمارات في قضية لا ناقة لها فيها ولا جمل، والأغرب من ذلك أن يتم هذا الترويع والتخويف لطائرة قادمة من كندا وليس من دبي، لكن من يعلم ما هو حاصل بين الإمارات وكندا بخصوص رحلات الطيران يدرك تماما أن الزج باسم طيران الإمارات ليس عملا بريئا على الإطلاق، إنه عمل مدروس بعناية فائقة وهو ما يعني أن العملية كان مخططا لها بشكل دقيق.
 

خلال العقود الأخيرة صنع الأميركان دولا فاشلة عديدة، الصومال، أفغانستان، العراق، والآن يعملون بجد منقطع النظير لصناعة دول فاشلة أخرى وتحديدا في باكستان واليمن.
 

لا يعني الأميركان كم من الدماء ستراق ولا يعنيهم كم من الأرواح البريئة ستزهق، المهم هو أن تظل الآلة الحربية الأميركية في الدوران، وان يظل العالم واقفا لا يهدأ، وان يدفع لهذه الآلة التي أزهقت أرواح ملايين من البشر في مختلف أصقاع الأرض ما يعينها على البقاء والازدهار.
 

فيما مضى كانت هذه الآلة الحربية تعمل لمواجهة الاتحاد السوفيتي، وعندما غاب هذا العدو الشرس كان لابد من خلق أعداء جدد، وعندما كان من الصعب إيجاد أعداء في أوساط الدول القوية، فطن رجال البنتاجون والـ «سي أي أيه» إلى خدعة الدول الفاشلة كعدو.
 

صناعة الدول الفاشلة أصبح امتيازا أميركيا يستحقون عليه براءة اختراع، حيث يبدؤون صناعة الفشل باختيار الدول والأنظمة المعنية، ثم تدور آلة التفشيل فإذا أظهر النظام عداء ومقاومة للتحول إلى وضع الدولة الفاشلة أطاحوا به وجاءوا بأنظمة فاشلة بامتياز كما حدث في أفغانستان.
 

أما إذا اظهر النظام تعاونا ومرونة في تقبل وتمرير كل ما يريدونه، فإنهم يعملون على إفشاله كنظام أمام مواطنيه أولا، وأمام محيطة الإقليمي، ثم أمام المجتمع الدولي، فيكون تدخلهم مبررا ومقبولا إقليميا ودوليا، كما يحدث مع باكستان واليمن.
 

وعلى هذا الأساس فانه قد يكون مفهوما حرص الأميركان على صناعة الفشل في اليمن.