الشورى العماني.. الإصلاح بيد الشعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجربة الشورى في سلطنة عمان رغم دخولها مرحلة سابعة، لكنها تظل في بداياتها مقارنة مع بلاد العالم الذي سبق دولنا في حراكه الديمقراطي. لكنها تبقى في صيرورة مسيرة التنمية التي تشهدها السلطنة، وتتركز في تدرج منهجي حسب رؤية جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، الذي يدرك أن شعبه يحتاج إلى مزيد من الوقت ليعايش التجربة الديمقراطية بشكلها الحقيقي. فلا يزال الشعب العماني، يصوت بحسن نية ويتعاطف مع أبناء القبيلة وشيخ القرية والولاية. ورغم الجهد الذي يبذل في سبيل إيجاد حراك ديمقراطي حقيقي في البلاد، من جهات الاختصاص، لكن طبيعة إنسان عمان تظل على طبعها مهما كانت درجات الوعي لدى الكثيرين.

 حيث يبقى حال الناخب العماني إنه ابن قريته وولايته وقبيلته. إلا أننا نشهد خطوات من التقدم في المشهد الانتخابي، خاصة الأخير، حيث كان هناك بعض من التغيير خاصة من قبل الناخب الواعي والمتعلم والمدرك للحراك الديمقراطي في هذا البلد، إلا إنه لا شك ان هناك فئات، خاصة من ذوي المصلحة الخاصة الذين يغلبونها على المصلحة الوطنية العليا، وهو أمر يوجد في كل مجتمع حتى الدول المتقدمة ديمقراطياً.

إذن هناك 84 عضواً في المجلس الجديد سينضوون تحت قبة المجلس بينهم امرأة، دخلت لإنقاذ سمعة المرأة العمانية خاصة والخليجية عامة، فبعد تجربة الإمارات في انتخابات المجلس الوطني، والكويت في مجلس الأمة، من حيث ضعف انتخاب النساء، وهو ما نعتقد انه بحاجة إلى دراسات وبحوث، لعدم قدرة المرأة إقناع الناخبين بانتخابها. خاصة في بلد مثل سلطنة عمان تمثل فيه المرأة نسبة 49 في المئة من حيث عدد السكان.

لكن وفي ظل الحراك الديمقراطي الذي تشهده السلطنة، فإن الشارع العماني عاش ليلة الأربعاء الماضية، يوماً تاريخياً جديداً في مسار الديمقراطية العمانية. حينما أصدر سلطان عمان تعديلات مهمة حسب وعده لشعبه، فغير مواد عدة في النظام الأساسي للدولة، منها اختيار منصب السلطان، حيث تم إدخال مجلسي الدولة والشورى ورئيس المحكمة العليا في عملية تثبيت من أشار إليه السلطان في رسالته، في حال إذا لم تتفق العائلة الحاكمة على تحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم.

كما حقق السلطان مطالب شعبه بإصلاحات خاصة في محاسبة الوزراء والمسؤولين، فأعطى أحقية أعضاء مجلس الشورى بعدد 15 شخصاً لطلب استجواب وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون، بجانب اختيار رئيس مجلس الشورى بالانتخاب من بين أعضاء المجلس، والذي كان سابقاً بالتعيين. وأن تحال مشروعات الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها لعرضها على مجلس الشورى لإبداء مرئياته. بذلك وضع السلطان قابوس عملية الإصلاح بيد الشعب، المتمثل في مجلس الشورى المنتخب من قبل الشعب ليكون عين الرقيب له على بعض من الفساد الإداري والمالي الذي يقول العمانيون إنه يؤخر تقدم هذه البلاد، في ظل عدم وجود جهاز محاسبة ورقابة كفء لكشف المصالح الخاصة على العامة.

العمانيون تنفسوا الصعداء مع رحيل جيل هرم من المسؤولين، ظلوا طوال سنوات يتبؤون مناصب تدور فيما بينهم لسنوات تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً، وحان الوقت لإيجاد قادة من الجيل الجديد لقيادة عملية التنمية والتغيير. ولا شك أن هناك كفاءات عمانية قادرة على تحمل مسؤولية مسيرة النهضة العمانية، وهم اليوم يمثلون جيل المستقبل لهذه الأرض وبالتالي يجب إعطاؤهم الفرصة.

إن المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة ومجلس الشورى اليوم كبيرة، لوضع خطط واستراتيجيات مستقبلية لتحقيق حاجيات هذه الأجيال التي تبحث عن فرص وظيفية وتعليمية وخدمات اجتماعية كبيرة في ظل قلة موارد البلاد، وهو أمر يتطلب لحمة وطنية أكبر من سنوات مضت حتى تسير النهضة العمانية بهدوئها المعهود.

 

 

Email