حـركـات

في الآونة الأخيرة، وما شكله الربيع العربي، من حركات ثورية ضد حكومات معينة، تزايدت هذه الحركات لتصل إلى خارج منطقة الربيع العربي.

فهناك حركة «احتلوا وول ستريت» وحزب «الشاي» في أميركا والحركة «الساخطة» في أسبانيا، بجانب حركة كفاية، وغيرها من الحركات التي ولدت حراكاً ضد الفساد ولصوصية مسؤولين، سواء كرؤساء دول أو مسؤولي ورؤساء شركات تجارية، الذين غلب عليهم التربح والكسب غير المشروع من ظهر المواطنين العاديين الذين يبحثون عن لقمة عيشهم ومقعد وظيفي ومنازل تحميهم من رمضاء الشمس وبرودة الشتاء القارس.

الفساد هو الفساد شرقاً وغرباً، ولكن ما يفرق عندنا في بلدان العرب أنه لا حساب ضد المفسد ولا يحاسب ولا يجرجر في محاكم. بينما في الغرب هناك ثمة بصيص من الأمل لمحاسبة الهوامير الكبار، وحتى رؤساء الدول ورؤساء الحكومات تتم محاسبتهم وإقالتهم، سواء لفساد مالي أو حتى تهم غير أخلاقية. هذه هي نتائج الديمقراطيات في تلك الدول التي يجب ان نتعلم منها ما هو الصالح، ويفيد مجتمعاتنا وليس ان نأخذ القشور فقط.

لذلك تنشأ حركات تحارب اللصوصية والمفسدين، وجشع التجار وأصحاب رؤوس الأموال، والذين يقومون بفرض ضرائب وشن قوانين على الناس الفقراء أو الأقل دخلاً، بينما بعض الحكومات لا تعيرهم اهتماماً، وتوفير حلول لمشكلاتهم البسيطة مثل البحث عن وظائف أو إيجاد مسكن ملائم لهم.

لذلك يطرح تساؤل، ما هو دور الحكومات وماذا تقدم لهم إذا كان المواطن في بلده لا يحس بالأمان الوظيفي والاجتماعي والاقتصادي؟ أليس من المفترض ان تقدم كل حكومة أجندة من البرامج التنموية وبناء فكر الإنسان، عبر تعليم حديث وليس فوضى في البرامج التنموية؟

وعلى سبيل المثال عندما ننظر إلى بعض الدول العربية الغنية من البلدان النفطية من الدرجة الأولى، لا نعلم ما هي استراتيجياتها لبناء الإنسان، إذا كان في معظم هذه البلدان التعليم بفلوس المواطن، والعلاج خارج الدولة على حساب المواطن إلا من رحم ربي، والوظائف لا توجد للمواطن.

 بينما تفتح لغير المواطنين، فهناك آلاف من القادمين من أميركا وبريطانيا وألمانيا واستراليا، يجدون بسهولة وظيفة لهم، هل لأن لديهم لغة انجليزية أم هي أعذار الخبرات، رغم اني أدرك إنه عذر أقبح من ذنب الحكومات.

وهل الحكومات راضية لأنها تريد المواطن يرضخ ويعيش مكبلاً بالديون ومشتت الفكر، أي أن يكون فكره محصوراً في لقمة عيشه، دون التفكير في المطالبة بالحقوق الأخرى. لكن اليوم على أي دولة ان تعيد استراتيجية التعاطي مع مواطنيها، ليكون المواطن أساس التنمية وصانع مجدها ومحركها الأساس، وإلا فإن هناك حركات كبيرة ستواجه الحكومات المقصرة.

ومهما حققت تلك الحكومات للمواطن البيت البسيط أو الوظيفة، تظل عملية بناء الفكر الإنساني واحترام الحقوق أهم الواجبات التي يجب ان تسير عليها الخطط، وعلينا أن نستعين بالمواطن لأنه الأحق في إدارة شؤون بلاده، ويكفي المسؤولين التغني بالعنصر الأجنبي، لأن هناك أمثلة عدة، من الخبرات الأجنبية كانت فاشلة في إدارة مؤسساتنا وجامعاتنا وشركاتنا، ومعظم تلك الخبرات الأجنبية لها مصالح خاصة، وعلينا أن نعي أن المواطن أحق وأدرك بما يحتاجه مجتمعه.

إن مرحلة عمل جديدة يجب ان تضع لها الحكومات نهجاً وبُعداً أكبر مما كان في سنوات التأسيس للبرامج التنموية، والأجيال تكبر وتدرك ما هو لها وما عليها. وعلى الحكومات ألا تستهين بالإنسان البسيط الذي يكد ليل نهار من أجل بناء وطنه، لأنها ستكون آجلًا أو عاجلاً في مواجهة مباشرة مع الشعوب التي ستقف لها بالمرصاد في قادم الأيام.