بمناسبة الذكرى الـ 41 لقيام الاتحاد، صدر لي كتاب «عيشي بلادي ــ 3» للأطفال، ضمن سلسلة بدأت بإصدارها في عام 2010 بنفس المناسبة، الكتاب في أجزائه الثلاثة ينتقل بالطفل عبر الزمن خلال أعوام الاتحاد الـ 41، متوقفا عند الأحداث والحقائق التاريخية البارزة، وذلك بغرض ترسيخها في أذهان الصغار. لقد سعدت جداً لإسهامي بهذا الكتاب في احتفالات اليوم الوطني، والتي تملأ جميع أنحاء البلاد، وكانت صورة طفلة إماراتية سمراء ترتدي زياً تراثيا وهي تتلقى الكتاب بفرح، خلال احتفالات "الطوار سنتر" بهذه المناسبة، هي أول وأغلى هدية أتلقاها على هذا العمل، وجعلتني أشعر بمزيد من الرضا عنه.

فرحتي بتلك الصورةالتي رسخت في ذهني مباشرة، جعلتني أتساءل؛ أحقاً كل ما أريده هو ابتسامة طفل يفرح بالحصول على كتابي؟ أو يستحق ذلك جهد أسابيع متواصلة من الكتابة والتنقيح والإشراف على إخراج ونشر الكتاب ؟، وخلصت إلى أنه، نعم، هذا هو أهم وأعظم شيء يمكنني جنيه من كتابتي للطفل، ثم تذكرت كلمة قلتها ذات يوم لإحدى الصديقات حين سألتني؛ ماذا تستفيدين من الكتابة ؟، فأجبتها قائلة: لو قرأ طفلٌ ما بعد مئة عام قصة كتبتها اليوم وابتسم، فأرجو أن يكتب الله لي بابتسامته أجرا. تذكرت هذه العبارة وربطتها بشعوري أمام صورة الطفلة وانتبهت إلى أن هذا كان أقصى ما أريده.

هذا ما يغلب على إنسان هذه الأرض الطيبة، حب العطاء والحرص على إسعاد الآخرين، والكتابة لتتضاءل كثيراً أمام ما يقدمه أولئك المتطوعون في العمل الخيري، ممن يعملون بصمت مع المعاقين والمرضى والمهمومين داخل الوطن، أو ممن تجدهم أول الحاضرين وسط دخان الحروب وويلات المذابح والكوارث، ولا أحد ينكر دور العمل الخيري الإماراتي حول العالم، والذي يظهر فيه بكل جلاء قلب الإنسان الإماراتي الرحيم.

 كنت سعيدة بالمساهمة في احتفالات بلادي بهذا الكتاب، وها أنا أرى الكل حولي مشغول بالحدث، ويقدم شيئاً فيه، من الأمهات والمدرسين والمدرسات والموظفين ورؤساء الأقسام وأرباب الأعمال، والمثقفين والشعراء والكتاب، الصغار والكبار، يعملون ويجتهدون ويشاركون، في أجمل أيام الوطن، بمشاعر صادقة وعميقة، حتى لتكاد الدموع تطفر من الأعين من صدق الفرحة وصدق الحنين إلى كل من صنع ذلك ورعاه ورسخه عبر السنوات، وأنا أرى كل ذلك وأشعر به، أدركت بأن المشاركة هي الوضع الطبيعي والعادي، وعدم المشاركة هو النشاز، أنت إماراتي إذاً يدفعك حبك للإمارات إلى أن تقدم لها ولنفسك ولإخوتك بطاقة محبة في هذا اليوم، فحمدت الله أنني لم أتخلف عن ركب أهلي وبني وطني، وقدمت ما أستطيع تقديمه في أجمل أيام الوطن. الحديث عن وطننا الجميل، بشعبه وناسه وقيمهم الأصيلة الراقية، وعن الاتحاد، وما فعله وأحياه في نفوسنا، وآمالنا وتطلعاتنا، حديث طويل ولا يسعه هذا المكان، وكل شيء فينا وحولنا ينطق بأجمل الصور والألوان والمشاعر. وكل عام والاتحاد بخير.