المحكمة الجنائية الدولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما المشكلة إذا قرر الفلسطينيون التقدم بطلب عضوية إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ الجواب ببساطة.. إخضاع كل الأفعال الإسرائيلية إلى المُحاكمات الدولية؟!

سيصبح من الممكن رفع دعاوى ضد صناع القرار الإسرائيلي ووزير الحرب ورئيس الوزراء وآخرين ممن تلوثت أياديهم بالدم الفلسطيني، وفي حال أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقهم، ستنكمش وجهات سفرهم، وإلى جانب ذلك، سيتمكن الفلسطينيون من مقاضاة السلطات الإسرائيلية بشأن احتلالها قطاع غزة، وأراضي الضفة الغربية، وتهجير سكانها، وبناء المستوطنات، وإقامة جدار الفصل العنصري، والتحقيق في حروبها ضد غزة، واتهام قادتها بارتكاب جرائم حرب، بالإضافة إلى فتحهم ملفات الأسرى وكشف أوجه التعسف بحقهم.

وما سبق ذكره، قد يفسر حجم الانتقادات التي أبدتها كل من الولايات المتحدة الأميركية والسلطات الإسرائيلية على تلك الخطوة، التي وصفتها الخارجية الأميركية بـ «التصعيدية»، فيما هددت السلطات الإسرائيلية بأخذ «تدابير مضادة»، لعبة التهديد والتخويف مجدداً.

المقصود بذلك أن الحكومات الإسرائيلية ستحرك منظومتها الإعلامية الممتدة، وستسعى إلى محاكمة قادة حركة حماس السياسيين والميدانيين، وعمليات إطلاق الصواريخ تجاه أراضي الداخل الفلسطيني، خلال الحرب الأخيرة على غزة وما سبقها من أعمال مقاومة، إلا أن ذلك السعي قد يُعرقل قانونياً، عبر وضعه في سياق تعريف معنى الاحتلال ومشروعية مقاومته، فلا يمكن محو بشاعة الحقيقة المتمثلة في حصار غزة ومعاقبة ساكنيه، إما بخنقهم مادياً ومعنوياً، وإما بإعدامهم جماعياً بقنابل الفسفور.

وما قد يعين الفلسطينيين في حربهم القانونية هذه، هو أن الحكومات الإسرائيلية لم توقع حتى الآن على الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو الذي لن يخولها رفع دعاوى ضدهم.

وإذا نظرنا إلى هذه الحرب القانونية من زاوية أخرى.. نجد أن التصريحات الرافضة للخطوة الفلسطينية تتنافى و«المنطق» الذي وضعه ما يسمى بالعالم المتحضر، ويدأب على شرعنته عبر «العولمة»، فالنخب التي صاغت القوانين الدولية والمواثيق الحقوقية العالمية، وأنشأت هيئات ومنظمات متعددة، أقرت عبر هذه الخطوات بوضوح، الشكل الذي ترغب أن تسير عليه الدول في حل نزاعاتها، أي التوجه إلى قنوات الشكوى الدولية، وإحداها مثلاً، المحكمة الجنائية الدولية، غير أن المنطق كما يبدو لا يعود هو ذاته عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، وهو ما عبر عنه الفيتو الأميركي في مواقف سابقة.

 

Email