حارس الحدود الدرزي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما معنى أن تكون شاباً فلسطينياً من أبناء الطائفة الدرزية، تعيش في الداخل المُحتل؟ هو أنك عندما تبلغ سن الثامنة عشرة ستستدعى للتجنيد العسكري الإجباري في صفوف قوات احتلت أرضك وسماءك، لتحمل السلاح في وجه أهلك.

تجنيد العرب الدروز بدأ بقرار سن عام 1956، إلا أن التخطيط لفصل أبناء هذه الطائفة عن باقي النسيج الفلسطيني بدأ منذ الاحتلال عام 1948، وذلك بالاشتغال على العامل النفسي أولاً، بإيهامهم أنهم سيمتلكون ميزات دون غيرهم من الطوائف..

ومن ثم بالتخطيط العملي لفصلهم عن المجتمع الفلسطيني، عبر محاولات استمالة كبار مشايخهم وإغرائهم بالمال والمناصب، وبفصل القرى التي يسكنها أغلبية من أبناء الطائفة المعروفية عن باقي القرى.. والمضحك المبكي هنا أن الاحتلال لا يتخلى عن أسلوبه المعتاد، فبينما تدأب السلطات الإسرائيلية على إقناع الدروز الفلسطينيين بالمكانة الخاصة المزعومة، تقضم في الوقت عينه أراضيهم وتجردهم من أسباب رزقهم.

عشرات السنوات مرت، لنجد اليوم فلسطينيين من أبناء هذه الطائفة يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لا سيما عند النقاط الحدودية بين الداخل المحتل والضفة الغربية وغزة.. فالحواجز العسكرية هذه، تقع ضمن خطة إسرائيلية قوامها زعزعة ثقة الفلسطينيين ببعضهم، والمراد هو أن يفتش فلسطيني مسلح فلسطينياً آخر قد يكون أحد أفراد عائلته، وقد يضطر للتنقل يومياً بين هذه الحواجز للذهاب للعمل، ما يعني أن النقمة على الدروز ستتضاعف مع الأيام.

الحال هذه لا تعني أن التجنيد الإجباري قد قضى على الهوية الدرزية العربية الفلسطينية المشتركة، فما يرويه لنا الداخل المحتل عن مجندين عرب تركوا الخدمة وتحملوا تبعات ذلك، دليل على إمكانية إنعاش الذاكرة الدرزية وإعادتها لمكانها الطبيعي.. فعند حاجز قلندية، حاولت امرأة فلسطينية تحمل طفلها الرضيع الخروج من منزلها في الثالثة صباحاً، وهو الأمر غير الممكن نظراً لفرض الإسرائيليين حظراً للتجول..

وعندما سألها الجنود ماذا معك؟، أجابت: طفلي أوشك على الموت، ليقترب شاب درزي منها ويصطحبها إلى المشفى رغم محاولات منع باقي الجنود له، ولدى عودته قررت السلطات الإسرائيلية المعنية معاقبته على فعله الإنساني هذا. المطلوب من الدروز اليوم هو أن يصبحوا قومية منفصلة، إلا أن واقع الحال المركب، ووعي جيل الفلسطينيين الثالث والرابع لا يعد بنجاح الخطط الإسرائيلية.

Email