فلسفة الحكم

ت + ت - الحجم الطبيعي

من يقلب صفحات التاريخ يجد صنوفاً من أنظمة الحكم، بعضها تسيد التاريخ لقرون طويلة، ومنها الامبراطوريات بأشكالها، وأخرى لأقل من ذلك بكثير، مقتصرة على مناطق محدودة فقط، لتندثر وتتلاشى بعدها تاركة أثراً في بعض الحكايات المتناقلة عبر التاريخ.

بقاء هذه الأنظمة من عدمه يرد إلى أسباب كثيرة، أهمهما ربما القوة وأسلوب الإدارة.. ومنها الأنظمة الملكية، أو الجمهورية .. وجميعها أنظمة وضعية.. يمكن الأخذ منها والرد عليها، وتتميز كل منها بخصوصية مستقاة من جغرافيا المنطقة المحكومة وأعراف سكانها، ومدى انسجام الفئة المحكومة معها.

ومن أبرز نظم الحكم المنتشرة اليوم في العالم، النظام الديمقراطي.. ولهذا النظام أيضاً خصوصيته في كل بلد، فمن حيث المبدأ أتت الديمقراطية كي ترفع من مكانة الحرية وكي يدخل من هم خارج حلقة السياسة وصنع القرار إلى داخلها، من باب عدم الاستبداد بالحكم، إلا أنها أثبتت في كثير من الأحيان عدم جدواها، من حيث مبدأ «الحكم الرشيد»، فالمتابع للتاريخ الحديث يجد أن المسيرات المعارضة التي جابت شوارع واشنطن خلال الحرب الأميركية على العراق أكبر مثال على فشل الديمقراطية في الإتيان بقرارات حكيمة.. والحكمة هي المطلب الأسمى من أي نظام حكم.

من هنا يمكن القول إن لا شيء في هذا العالم مقدس.. ليس استخفافاً بالديمقراطية ولا بأي شكل من الأشكال، وإنما نظرة على نظام يبدو متكاملاً غير أنه يأتي في كثير من الأحيان بنتائج معاكسة للمطلوب، ومن الجدير استعراض رأي أفلاطون، الذي يرى أن الديمقراطية مفسدة للقيم والرأي السليم، وعلى ما جاء في كتاب جون دن عن رأي الفيلسوف اليوناني في الديمقراطية، قال الأخير إن الحكم الديمقراطي يقوم على مبدأ المساواة، والافتراض بأن رأي كل فرد يساوي رأي الفرد الآخر.. أفلاطون بالطبع قصد تلك الديمقراطية التي كانت مزاولة في أثينا، بخصوصيتها المكانية والزمانية، غير أن لكلماته انعكاساً على واقع الحال اليوم في الدول الديمقراطية، متمثلاً بوضوح بين الاختلافات في طبيعة حكم الجمهوريين والديمقراطيين.

وفي محاولة لموازنة ما كتب هنا، نستأنس بكلمات الروائية التشيلية إيزابيل اليندي، حيث تقول: «ما أخشاه إلى أقصى حد هو القوة عندما تتحلى بالحصانة، لأنني أخشى بطش القوة، وأخشى القدرة على البطش».

 

Email