أدت الأحداث الجيو- سياسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال الأربع سنوات الماضية، إلى حدوث تغيرات مركبة ومعقدة مصاحبة لها على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية. وكان العامل المشترك الأعظم بين هذه المتغيرات وتلك الأصعدة، هو الكشف عن الرصيد الاستراتيجي الحقيقي للوطن العربي.
فلطالما تحدثنا في التاريخ الحديث للعالم العربي عن بعض الدول التي تعد جيوشها وأسلحتها وعدتها لتكون مخزوناً استراتيجياً للدفاع عن المنطقة العربية بأسرها. إلا أن الأحداث لم تكن لتكشف عن المخزون والرصيد الاستراتيجي الحقيقي والملموس، كما كشفت عن ذلك الأحداث الأخيرة التي ضربت العالم العربي خلال السنوات القليلة الماضية.
فلم يحدث أن هُددت الهوية العربية في صميمها، على الأقل منذ الحصول على الاستقلال، كما هددت خلال تلك الفترة، ولم يحدث أن تكشفت الصورة بجلاء، عن وجود بعض الكيانات والعناصر التي تعيش معنا، وتستظل بسمائنا وتنعم بخيراتنا، إلا أنها تنتمي بجوارحها لدول وأنظمة سياسية أخرى، لتجسد الخيانة المادية الملموسة، بعد أن كانت خيانة معنوية غير مرئية.
وكشفت تلك التهديدات الجسام على صعيد آخر، معدن وحقيقة دولة الإمارات، ودورها الفاعل والمؤثر في المنطقة، وذلك في ظل قيادة رشيدة، ممثلة في سمو الشيخ خليفة بن زايد، حفظه الله ورعاه، الذي يعد بمثابة الطائر الحكيم الذي يرى الصورة بكاملها بحكمة بالغة، رغم تعقيد المشهد، وبرؤية ثاقبة، رغم ضبابية الصورة، ويساعده في هذا، قدر أهداه عيني الصقر..
وهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظهما الله. فكانت الرؤية الاستشرافية المبكرة لما يحاك بمصر، وكيف يتم التدبير لتحويل أم العروبة عن مسارها التي حافظت عليه قروناً من الزمان. ولتعلن الإمارات، أنها بجانب شعب مصر الأبي، للحفاظ على هويتها العربية والإسلامية السمحاء.
ولم تكن مساعدة الإمارات للحفاظ على الدولة الوطنية المصرية فقط من خلال ضخ مليارات الدولارات لمساندة الاقتصاد المصري على النهوض، بل ذهب إلى ما هو أهم من ذلك، من خلال التأييد السياسي والدبلوماسي لمصر الوطنية، ولتمكين مصر من العودة إلى دورها، والتي سعت الإمارات مخلصة من تمكينها لأدائه، و لتتحمل مصر مسؤولياتها . وللحديث بقية.