ليس هناك أبلغ من أهمية التعلم إلا كيفيته وماهي الوسائل التي تبني منصة معرفية يستند عليها الفرد في تفاسيره وأقواله وخطاباته.
من الكياسة عدم الخوض في ماتجهله، ومالا تملك فيه شطر من إلمام ناهيك على أنها من أساسيات النجاح والعقلانية.
بلاشك أنني هنا لا أدعو للتوقف عن تطوير الذات ولا استلهام المعرفة او حتى البحث عن الحقيقة التي "ربما" فشل المتخصص في ايجادها، الأهم للباحث عنها هو التنظيم في جدولة المعايير والمعلومات بشكل منسق مستهلا باستخدام المراجع ذات المصداقية العالية مع عدم اهمال استشارة أهل الاختصاص والخبرة، اضافة الى دقة المعلومة المنقولة واعتماد ناقلها على أدوات تتسم بالموضوعية والصدق كما أنه مطالب بعدم اصدارها قبل تفحصها جيدا، ولا نتجاهل عن عمد أن الباحث العلمي يكون أكثر دقة وإلمام أو ربما مصداقية عندما يحمل لغة الاختصاص والعلم ويتميز بالحلم وعدم الإصرار على الرأي الفارغ من أية صفة علمية مقنعة.
وتوافر جميع تلك المقومات والعناصر في الكاتب تجنبه من المعوقات التي قد تخل من تماسك الدراسة بسبب عشوائيتها.
وبالرغم من أهمية ماسبق ذكره، إلا أننا في مجتمعاتنا العربية، الخليجية على وجه التحديد العديد ممن يزعم المعرفة والعلم والثقافة، وهذا غالبا أحد أسباب اختلاط المفاهيم لدينا ،وخطر دعاة الفكر والثقافة بليغ لأننا لو تساؤلنا قليلا هل اتخذوا من العلم الحقيقي أساسا وركيزة في مجمل خطاباتهم وكتاباتهم وبحوثهم؟ أو هل كانت تسنتد إلى معايير وأطر المعرفة الحقة من جمع المعلومات الصحيحة وربط أدواتها بإحكام وايصالها بطرق مقنعة؟ أو هل أخذوا من المنهجية صفة تميزهم وتبعث لهم الشفافية والمصداقية؟
تساؤلات تحمل الكثير في طياتها من استهجان لحال مدعي المعرفة في عصرنا هذا ممن خاضوا وسيخوضون في بحور الخيال وأسقف الوهم، فنجد من اختبأ خلف الدال يهيج الرأي العام بكتابات تثير الحفائظ ، ومن أسمى عمره ناشطا يتحدث باسم المجتمع ولم يكلفه أحد، ومن قال أنه باحثا مصدره الويكيبيديا وكتاباته جلها في انحدار. لاولئك أقول توقفوا عن التطفل على أهل الإختصاص، توقفوا عن البحث عن مواضع الزلل، توقفوا عن سرد المعلومات المغلوطة وتصديقها فليس هناك أسوء من مدعي الكتابة على الكتابة!