يركز منتقدو سياسيات الرئيس الأميركي باراك أوباما في الشرق الأوسط على بعد واحد محدد، هو أنه يفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية في تعامله مع مشكلات المنطقة.
وبالمقابل، فإن المدافعين عن سياسات الرئيس الأميركي يرون أن هذا الطرح خاطئ، على وجه التحديد، وأنه منذ البداية التزم أوباما باستراتيجية محددة في المنطقة تنطلق من أن تقليل استثمار الولايات المتحدة العسكري والسياسي الكبير في الشرق الأوسط يعد مصلحة قومية أميركية بامتياز. وهؤلاء المدافعون يرون أن الرئيس الأميركي المقبل، ديمقراطياً كان أو جمهورياً، سيتبنى في نهاية المطاف استراتيجية أوباما في المنطقة.
بهذا المعنى، فإن التحليلات الأميركية تصب في أن أميركا تمضي على الجسر الصعب بين إدارتي أوباما والإدارة المقبلة، ولا بد لها في نهاية المطاف من الاستمرار على استراتيجية أوباما القائمة على الوصول إلى النطاق الأمثل للتدخل الأميركي في المنطقة.
ويلفت نظرنا حقاً أن في هذه التحليلات ما يؤكد أن أوباما قرأ بدقة إمكانية التحول التي حملها الربيع العربي معه، لكنه لم يستطع رصد كيفية المضي بهذه الإمكانية في الطريق الصحيح، من المنظور الأميركي.
هذه التحليلات يتعين أن نقرأها بدقة، وأن نفهم المقاصد التي تنطلق منها، وأن ندرك طبيعة الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها في نهاية المطاف.
لكن القراءة العربية للمشهد العام في المنطقة ينبغي بالتأكيد أن تنطلق من الفهم الصحيح للقوى الكامنة وراء التلاعب بالأحداث، وأن تمضي بنا إلى التساؤل حول الآليات الكفيلة بتحقيق المصالح القومية العربية، في غمار هذه التحولات الدموية التي نشهدها اليوم في المنطقة.
ولا بد لنا في نهاية المطاف، نحن العرب، من أن نحشد قوانا، حتى لا نتحول إلى الخاسر الكبير، بعد تجاوز المنطقة لهذا الجسر الصعب.