لا تنفك القضية الفلسطينية تستعيد بين حين وآخر ذلك البريق أو التوهج الذي اعتدنا عليه وتؤكد أحقيتها بالبقاء في بؤرة الاهتمام الشعوبي على الأقل رغم كمية الدم المسال من المحيط إلى الخليج.
بلا شك فإن التصعيد الإسرائيلي على الجبهة الفلسطينية "إن صح التعبير" لا يحمل إلا تفسيراً واحداً واضح المعالم وهو استغلال الكيان اليهودي لحالة الانشغال أو التراجع للقضية الفلسطينية من الذاكرة شعوباً وحكومات مع ارتفاع نسب الفوضى السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية وتحول بعضها إلى ساحات حرب فعلية في سوريا والعراق واليمن والسودان.
التصعيد والمداهمات الإسرائيلية للمنازل في الضفة الغربية هو أيضاً رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أعلن قبل أيام وقف أو تعليق اتفاقيات أوسلو التي كانت إسرائيل قد جردتها فعلياً من كامل فاعليتها وبنودها خلال السنوات العشرين الماضية ولم يبق منها إلا الالتزام الفلسطيني بالتنسيق الأمني مع المحتل.
إسرائيل الدولة إن صحت التسمية لا يمكن أن تعيش دون حروب وإذا توقفت عن التسلح والحرب فإنها عرضة لفتن داخلية واضطرابات، كما حدث عند اغتيال رابين، وهي سيناريوهات لا تريد الدولة اليهودية تجربتها. رأينا خلال السنوات الماضية أن غزة كانت هي الهدف للحرب الإسرائيلية وقبلها لبنان وأحيانا الإغارة على سوريا وهكذا فإن الحرب بأي شكل من الأشكال تبقى خياراً إسرائيلياً متاحاً في أي وقت.
عودة إلى توهج القضية الفلسطينية التي أثبتت الأحداث أنها ستبقى ماثلة في وجدان الشعوب العربية حتى لو ران على بعض القلوب ما يدفع إلى عكس ذلك فهي القضية المركزية الأولى شاء من شاء وأبى من أبى ليس فقط بسبب طوال مدة الاحتلال وطبيعته التي زادت على 60 عاماً، ولكن أيضاً لأن فلسطين تبقى حالة خاصة بالنسبة لنحو 1.5 مليار مسلم على وجه الأرض، ففيها كل ما هو مقدس.
التاريخ يشير إلى أن مؤشر ازدهار الشعوب والأمم العربية والإسلامية مرتبط بالقدس التي ما أن تكون ضمن الحاضرة العربية والإسلامية تبقى دول المنطقة والشعوب الإسلامية بخير وعافية اقتصادياً وسياسياً.