وسط استعدادات مكثفة، بدأت مصر الانتخابات البرلمانية، التي تشكل الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق، بعد الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية.

لم يكن من قبيل الصدفة، أن يؤكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على نقطتين محددتين، تستمد هذه الانتخابات أهميتها منها، الأولى مفادها أن البرلمان الذي ستسفر عنه هذه الانتخابات، هو الذي سيقر القوانين والتشريعات التي تكمل الدستور، وثانيهما، هو أن هذا البرلمان، هو الذي ستطل به مصر على العالم، باعتباره السلطة التشريعية فيها، والقوة الأكثر تأثيراً في الممارسة الديمقراطية على أرضها.

وقد حرص السيسي، شأن كل من توجهوا بالخطاب إلى الشعب المصري في هذه المرحلة، على التشديد على أهمية مبادرة الناخبين إلى التوجه إلى مقار اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، لأن إحجامهم عن ذلك، يصب في صالح من لا يريدون الخير لمصر والمصريين.

وكل من تابع التاريخ البرلماني لمصر، يعرف لماذا تكررت هذه الدعوة، ويعرف أيضاً أهمية استجابة الناخبين لها، البالغ عددهم في المرحلة الأولى، سبعة وعشرين مليوناً في أربع عشرة محافظة. فقد أتى على الناخب المصري حين من الدهر، ساد لديه الاعتقاد بأن إدلاءه بصوته أو امتناعه عن ذلك لن يكون له تأثير، ولن يحدث فارقاً في تشكيل ملامح الحياة العامة في البلاد.

لكن الأمر اليوم مختلف، فمبادرة الناخب المصري إلى التحرك وانتخاب من يرى فيهم الحرص على المضي بمستقبل مصر إلى ما ينشده الملايين الذين شاركوا في ثورتي مصر، وحملوا أرواحهم على أكفهم.

هذه الانتخابات هي، في حقيقة أمرها، الساحة التي تستكمل فيها الملامح النهائية لثورتي مصر، ومن هنا، يأتي احتدام التنافس فيها.

هذا التنافس ليس صراعاً على مقاعد البرلمان، وإنما هو صراع على الكيفية التي ستمضي بها مصر على الطريق إلى المستقبل، صراع على من ستكون لهم القدرة على التأثير في مسيرة مصر في المرحلة المقبلة.

ولهذا، على وجه الدقة، فإنها تحظى باهتمام الملايين في الداخل، والكثير من المتابعين في الخارج.