اعتذار توني بلير عن أخطاء وأسباب حرب العراق أشبه بنكتة متأخرة سنوات، وكان الأجدى به أن يعتذر «هذا إن يكن يعلم» مبكراً، ومنذ سنوات خلت، وليس اليوم
نقول: إن اعتذار بلير ليس له طعم بعد كل هذه الفوضى التي خلقتها مغامرة بوش- بلير، وتسببت بدمار بلد كامل وتشريد وقتل الملايين منه، واستجلاب شرذمة وشذاذ الآفاق من كل صوب، عاثوا في بلاد الرافدين فساداً، واستندت إلى أكبر كذبة في تاريخ الأمم، ولم يند جبين كولين باول، وهو يكذب على منصة الأمم المتحدة.
بلير حتى في اعتذاره يشير إلى أخطاء والحقيقة أنها ليست أخطاء بقدر ما كانت سلسلة من الأكاذيب التي روجتها بريطانيا بلير، وأميركا بوش في ذلك الوقت حول امتلاك صدام للأسلحة النووية، ولو كانت الدولتان تعلمان علم اليقين بهذه الحقائق، لما أقدمت على احتلال بلد يملك هذه الأسلحة، وقد يستخدمها ضد قوات الاحتلال.
والأمر المؤكد أن كلاً من بوش وبلير كانا يعلمان أن العراق لا يملك هذه الأسلحة، والمفاعل الوحيد كان قد دمرته إسرائيل قبل ذلك بسنوات، وكان العراق يخضع لحظر شامل لا يجد فيه حتى قطع الغيار للسيارات، فما بالك بالطائرات والأنابيب والكعكة الصفراء وغيرها من أكاذيب ساقتها الولايات المتحدة على العالم في ذلك الوقت.
يصر توني بلير أن معلومات الاستخبارات كانت خاطئة والحقيقة أن مكتب الرئيس بوش ومكتب نائبه في ذلك الوقت ديك تشيني كانا يحفلان بتقارير ناصعة عن حقيقة الأسلحة في العراق وهي أنه لا يملك أي نوع من الأسلحة المحظورة خصوصاً أن فرق التفتيش لم تترك غرفة حتى الحمامات في قصور صدام دخلتها قبل ذلك ولم تجد حتى بقايا هذه الأسلحة أو ما يدل عليها.
الأمر ليس دفاعاً عن نظام أو شخص بعينه، لكن احتلال العراق وما تبعه من أخطاء كان أكثرها كارثية حل الجيش العراقي يعطي إشارة يفهمها حتى الصغير بأن الأمر لا يتعلق بنظام أو شخص، بل كان الهدف تدمير بنية الدولة، التي انهارت تماماً.