الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رجل من زماننا، فهو قادر وسط حشد الأعباء على مواجهة التحديات، والتصدي للمشكلات، وإيضاح المواقف في حسم واقتدار، حتى حين تختلط الأشياء على البعض، وتضيع منهم الرؤية الصحيحة لما ينبغي القيام به.
في كلمته التي ألقاها السيسي في الندوة الثقافية، التي أقامتها القوات المسلحة المصرية، لم يستعن بنص أُعد مسبقاً، وإنما انطلق يتحدث بتلقائية وعفوية، ليضع النقاط على الحروف بالنسبة لمجموعة من الحقائق، حرص على أن يصارح بها أبناء الشعب المصري.
الحقيقة الأولى في هذا الصدد كانت دعوة السيسي للجميع على الساحة السياسية المصرية، التي لخصها في كلمة واحدة: لا تختلفوا.
هذه الدعوة لم تأت من فراغ، فبعد ثورتين، وفي إطار جهود مكثفة لاستكمال خريطة الطريق، تعددت الآراء والاتجاهات والمطالبات، ومن ثم احتدمت الاختلافات، فوجب الحديث عن الكف عن الاختلاف، وهذا لصالح الوطن في المقام الأول.
الحقيقة الثانية، التي شدد عليها السيسي، هي أن مصر في سياستها الخارجية لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تتآمر، لأنها تتحرك انطلاقاً من قيم نبيلة ترى أنها منهاجها للعمل في إطار العلاقات الدولية.
الحقيقة الثالثة أن الدولة في مصر لا تستطيع أن تقف موقف المتفرج إزاء معاناة الطبقات الفقيرة والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، التي تتعلق بالاحتياجات الأساسية لهذه الفئات، ومن هنا يأتي تحرك القوات المسلحة عبر أجهزتها المختلفة، بما يعيد التوازن للسوق، ويكفل إنصاف هذه الفئات.
الحقيقة الرابعة هي التي تتعلق بدور الإعلام، حيث شدد السيسي على أن الإعلام ينبغي أن يسهم في تعميق الوعي، لا أن يشارك في خلط الأوراق وإشاعة الضباب في ميدان العمل الوطني.
وتتعدد الحقائق التي ألقى الرئيس المصري الضوء عليها في كلمته، لكن ما يبقى منها في الوعي والضمير، في نهاية المطاف، هو رفض الاختلاف، الذي يتناقض مع مصالح الوطن، في مرحلة بالغة الأهمية من مسيرته.