تحمل النخبة هموم شعبها، تضيء الطريق وتتصدى للتفرقة والفساد والإفساد، تحول الأفكار إلى خطط وبرامج كفيلة بالتنوير والتغيير، تحافظ على مسافة واحدة من الجميع، ولا تنحاز إلا للوطن فقط.

النخبة في مصر تضم مئات الرموز في المجالات كافة، بعضهم يرسمون لوحات حضارية في بلدان أجنبية، ويقودون فرق عمل حققت إنجازات ترصدها التقارير الدولية، ورغم ذلك تبدو مساهمتها في المشهد السياسي والاقتصادي ضئيلة.

عقب ثورة 25 يناير 2011 انهالت تصريحات الإعلاميين والعلماء والخبراء، التي تعد الوطن بمشروعات مبشرة، هنا مدينة علمية، وهنا مختبرات ومصانع ومدينة استثمار وخطط صحية وسياحية وثقافية تمولها دول وجهات، تتمنى المشاركة في نهضتنا المقبلة، مصر كسرت القيد، تنطلق كالصاروخ، ستتجاوز النمور الآسيوية، العالم يترقب، هكذا كانت التصريحات.

الشهور الأولى بعد الثورة تضمنت مؤتمرات قيل فيها الكثير لدرجة جعلت البسطاء ينامون مبتسمين من نشوة الوعود، التي ستحول وطناً يزدحم فيه الملايين أمام منافذ الخبز إلى حوت اقتصادي كبير، يجيد تحقيق الأرباح، وابتلاع المنافسين.

الوعود تورطت فيها شخصيات لها ثقل سياسي وعلمي واقتصادي وأدبي تجمعت في مهرجان الثورة، وحينما انطلقت سفينة الوطن تركوها، وبينما انزوى بعضهم عن الأنظار خجلاً فسر آخرون عدم المشاركة بأن المناخ مضطرب.

وجاءت الانتخابات البرلمانية لتكشف عورة النخبة وضعف تأثير الإعلام على الشارع، فهناك رموز سقطت في السباق، وأخرى نجحت بصعوبة، ولم تكن هذه هي الجولة الأولى الخاسرة للنخبة، بل سبقها خروج الدستور، الذي تغنت به من قبل معيباً على حد وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي طالب بتغييره.

الإعلام الذراع المهيمنة للنخبة مر أيضاً بمرحلة من الخيبات، بعدما تجاهل قضايا الوطن والمواطن، واتجه إلى الإثارة والفضائح، وانتهاك الخصوصية والترويج للدجل والشعوذة.

الخلاصة هي أن المواطن المصري شريك في المسؤولية، فكل مجتمع يفرز نخبته وإعلامه.